الله يعطيك العافيه حبيبتي
[align=center]
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لما أغرق الله فرعون قال : { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل } ( يونس : 90 ) ¡ فقال جبريل عليه السلام : يا محمد ¡ فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه º مخافة أن تدركه الرحمة ) رواه الترمذي .
معاني المفرادت
حال البحر : طينة البحر
في فيه : في فمه
تفاصيل القصة
على مدار التاريخ القديم لم تشهد البشريّة طاغية متجبّراً ولا باغيةً متسلّطاً كمثل فرعون حاكم مصر ¡ فسيرته قد سُطّرت بدماء الآلاف من الأبرياء الذين وقعوا تحت سطوته ¡ ذلك الفرعون الذي نُزعت الرحمة من قلبه فلم يعد لها مكانٌ للضعفاء ولا المساكين ¡ ولا الأبرياء والمضطهدين ¡ لم يرحم أمّاً ولا طفلاً ¡ بل أصدر أوامره بقتل الأولاد واسترقاق النساء ¡ فكان حقّاً كما قال الله : { إنه كان عاليا من المسرفين } ( الدخان : 31 ) .
ومن إسرافه على نفسه وظلمه لها ادّعاؤه بكل عنتٍ واستخفاف الألوهيّة من دون الله ¡ ثم هو يسوق الدلائل الساذجة التي لا تُقنع غِرّاً ساذجاً ¡ كما جاء في قوله تعالى : { ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون } ( الزخرف : 51 ) ¡ وقوله تعالى : { وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين } ( القصص : 38 ) .
وتمرّ الأيام حتى تأتي نهاية هذا الظالم ¡ في مشهدٍ ذكر القرآن لنا طرفاً منه ¡ وجاءت القصّة النبويّة التي بين أيدينا لتضيف تفاصيل أخرى لتلك اللحظات ¡ فبعد أن ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر فانفلق فكان كل فرقٍ كالطود العظيم ¡ سار بقومه وجاوز بهم البحر ¡ فأتبعه فرعون بجنوده¡ حتى إذا تعمّقوا في الدخول أمر الله البحر فانطبق عليهم ¡ ليغرق فرعون ومن معه ¡ قال الله تعالى : { فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم } (طه : 78 ) .
وفي هذه اللحظات الحاسمة التي أوشكت فيها الروح على الخروج ¡ اعترف فرعون بالألوهيّة علّها ينجو من الموت ¡ قال الله تعالى : { حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } ( يونس : 90 ) .
ويراقب جبريل عليه السلام المشهد ¡ ويخشى أن تدركه رحمة الله الواسعة فتُقبل منه أوبته ¡ فيدفعه غيظه وحنقه أن يأخذ من طينة البحر ويدسّها في فمه ¡ حتى يمنعه من نطق الشهادة الصحيحة في الوقت المناسب ¡ ولكن هيهات أن تُقبل منه هذه التوبة وقد جاءت متأخّرةً للغاية ¡ قال الله تعالى : { آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ¡ فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون } ( يونس : 91 – 92 ) .
وهكذا منّ الله على أمّة بني إسرائيل ¡ فبموت فرعون انتهت فصول معاناتهم ¡ وتنسّموا هواء الحرّية والأمن والاستقرار بعيداً عن حياة الخوف والاستضعاف والإذلال.
وقفات مع القصّة
قصة فرعون مليئة بالعظات والعبر التي يجدر الوقوف عندها والاستفادة من أحداثها ¡ ولعلّ أهم ما نستفيده منها بيان ملامح سنّة الله تعالى في إهلاك الظالمين ¡ فنقول أولا : قد يتمادى الطاغية في ظلمه ¡ ويعيث في الأرض فساداً ¡ فلا ينزل عليه العذاب ولا يستحق العقاب مباشرة ¡ بل نرى الله سبحانه وتعالة يُمهله ويعطيه الفرصة الكاملة للتوبة والإنابة ¡ وهذا هو عين ما حدث لفرعون فقد ظلّ على عتوّه وجبروته وادعائه للألوهيّة سنين عدداً ¡ ثم جاءه العذاب في نهاية المطاف ¡ على النحو الذي بيّناه سابقاً .
وما إهلاك الله للظالمين إلا بسبب ذنوبهم التي اقترفوها ¡ ويشير ربّنا عز وجل إلى ذلك في قوله : { كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلٌّ كانوا ظالمين } ( الأنفال : 54 ) .
والعجب هنا يتملّكنا من فرعون ¡ فقد رأى بعينيه البحر ينفلق فلقتين ¡ وهو يعلم يقيناً صدق موسى عليه السلام ¡ وكان بإمكانه الهروب أو التراجع وفق منطق العقل ¡ لكن ذلك لم يكن ليُرضي غروره وغطرسته ¡ حتى لاقى مصيره المحتوم .
ووقفة أخرى مع فضل هذا اليوم العظيم الذي أنجى الله فيه موسى عليه السلام وأظهره على عدوّه ¡ فقد كانت اليهود تحتفل به شكرا لله ¡ كما في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة واليهود تصوم عاشوراء ¡ فقالوا : هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون ¡ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : أنتم أحق بموسى منهم فصوموا ) .
وفي عدم قبول توبة فرعون في هذه القصّة إشارةٌ إلى أن من شروط التوبة أن تكون في زمن الإمكان والمهلة ¡ أما وقد بلغت الروح الحلقوم ¡ ووصل الإنسان إلى حال الغرغرة ¡ فهناك لا تنفع التوبة ¡ فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رواه الترمذي و ابن ماجه .
ووقفة أخيرة مع درس من أعظم الدروس ¡ وهو أن النصر والعزّة والتمكين للأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين أمرٌ لابد منه ولو طال الزمن ¡ أو تأخّر النصر .
[/align]
[SIGPIC][/SIGPIC]
[align=center]|--*¨®¨*--|حلوة وشقية |--*¨®¨*--|
|--*¨®¨*--|اسعدني تواجدك |--*¨®¨*--|
[/align]
[align=center]\
/
\
/[/align]
[SIGPIC][/SIGPIC]