حقوق الإنسان مرحلة جوهرية من مراحل التطور النوعي البشري EVOLUTION. من يرفض أو يقاوم حقوق الإنسان مازال أسير الثقافات القديمة أو صاحب هوى.. من الصعب على الأجيال الجديدة أن تلاحظ هذا التطور الجوهري الذي حدث للبشرية تحت اسم حقوق الإنسان.. من ولد على العدالة أو الثراء لا يمكن أن يتخيل خطورة غيابهما.. إنسان اليوم غير إنسان الماضي تماما.. كان الرق وإذلال المرأة وأعمال السخرة وغيرها من الممارسات القاهرة من الأمور العادية التي يعيشها إنسان الأزمنة السابقة كجزء من الحياة المشروعة والبدهية.. إذا اطلعت على كثير من الكتب التراثية عند كثير من الشعوب ستلاحظ ان الحديث عن (الجارية) وبيعها وشرائها وإهدائها بوصفها بضاعة لا إنسانا من البدهيات.. لا تثير أحدا.. يتحدث عنها المؤلف كما نتحدث اليوم عن السيارة أو الحذاء..
استغلال مبادئ حقوق الإنسان من قبل بعض الدول الكبرى وبعض أصحاب المصالح لا يعني أن ننظر إليها بريبة أو أن نسمح للمعادين لحقوق الإنسان الاستفادة من ذلك لتبرير وتعزيز مواقفهم اللاإنسانية. حقوق الإنسان هي العدالة التي ننشدها ونتمناها.. الصراعات يجب ألا تثنينا عن متابعة وضع ما تحقق منها وما أقريناه واعترفنا به ووقعنا عليه موضع التنفيذ.. يجب أن ننظر للأمر من زاوية مصالحنا وسعينا للرقي لا استجابة للاتفاقيات الدولية أو ضغوط الدول التي تستخدم هذه القيمة السامية لتحقيق مكاسب. تجديد عضوية المملكة في لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة شهادة يجب أن نعتز بها ويجب أن تكون دافعا لمزيد من النضال من أجل حقوق الإنسان العالمي داخل المملكة وخارجها.
في ضيافة الملحق الثقافي بكندا الدكتور علي البشري سعدت بلقاء معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر العيبان وسعادة سفير المملكة بكندا الأستاذ نايف السديري.. كان معاليه في زيارة رسمية لكندا اجتمع فيها بعدد من كبار المسؤولين النافذين في كندا.. يمكن القول إنها زيارة نوعية بكل المعايير.
اعتدنا أن نرى زيارات مسؤولين ببواعث سياسية أو تجارية او أمنية الخ.. حقق كثير من هؤلاء المسؤولين نجاحات انعكست على أمننا واقتصادنا ووضعنا السياسي الخ.. ولكنها تبقى نجاحات قابلة للتلاشي بتلاشي زمن الاتفاق عليها.. نحن في حاجة إلى لقاءات ذات طابع حضاري وإنساني أكثر من هذه الزيارة الوحيدة.. أتمنى على سفارة المملكة أن تسعى إلى وضع برامج متعددة في المجالات الإنسانية والثقافية مثل هذه الزيارة.. تجاهلنا كثيرا الاحتكاك بالشعوب على هذا الصعيد.. قلة هذه اللقاءات يولد سوء فهم وتباعد ونمو الشكوك المتبادلة.. هذه اللقاءات لا تأتي لتسويق المملكة حضاريا ولكن تأخذ أهميتها من تعزيز فهمنا وتطبيقاتنا لحقوق الإنسان وإكسابنا مزيدا من الخبرة¡ وفي الوقت نفسه تساهم في تبديد جهل الآخرين حول تطبيقات حقوق الإنسان في المملكة وتفهم الظروف الموضوعية التي تعرقل بعض تطبيقاتها.. أبان لهم الدكتور العيبان كما فهمت موقف المملكة وجهد المملكة في دفع البلاد للمضي قدما في هذا المنحى الخطير.. سعدت جدا أن المسؤولين الكنديين أبدوا تفهما حقيقيا لموقف المملكة وسعيها الجاد للمضي في هذا المطلب الإنساني العظيم.. المفاهيم ليست مبنى أو طريقا يمكن أن ينجز في وقت محددº بل إيمان يتم تعميره في النفوس بالتدريج.
تركنا العالم يقرأ عن حقوق الإنسان في المملكة من الصحف الأجنبية والمنظمات.. ليست كل المنظمات والصحف معادية¡ ولكنها لا تتحدث إلا عند ارتكاب الأخطاء.. لا شك ثمة من ينتقد المملكة بأمانة وإيمان وثمة من يضمر سوء النية.. زيارات السعوديين للدول المؤثرة ككندا على المستوى الرسمي والشعبي (كالفنانين والأدباء والفرق الشعبية) لا يمكن الاستغناء عنها.. لعل ما قام به الدكتور بندر العيبان في تبديد سوء الفهم عند الكنديين أهم من كل برامج العلاقات العامة أو المقابلات الصحفية أو استئجار من يتحدث نيابة عنا أو ترك الآخرين يلوكون سمعة المملكة بما يشاؤون.
إضغط هنا لقراءة المزيد...