أيام ويغادر أوباما البيت الأبيض وتنطفئ من حوله مصابيح الإعلام. آخر اتصال بيننا وبينه سيكون كتاب مذكراته¡ الذي سوف يصدره أسوة بالرؤساء الأميركان المنتهية ولاياتهم. سيدافع عن فترة حكمه دون أن يطالبه أحد بذلك. رجل قاد أكبر أمة في التاريخ. الزعيم الأميركي الذي لم يعجبنا أداؤه في الحكم وكأن الزعماء الاميركان السابقين عليه يأتمرون بأمرنا. وصفناه بالمتردد والضعيف.. وقف متفرجاً على كل المآسي التي ألمت بالمنطقة. بدا وكأنه لا يملك السلاح الكافي للردع .. يحارب داعش السنية ويترك بقية التشكيلات الإرهابية الأخرى (الشيعية على وجه الخصوص) طليقة¡ وأخيراً يتحالف معها في حربها على داعش.
لا أحد يريد أن يتذكر جورج دبليو بوش¡ وقبله كلنتون¡ وقبله بوش الأب¡ وقبله الرؤساء الاميركان الآخرين. متى تحالف معنا رئيس أميركي من قبل. في كل قضايانا الأساسية¡ كانت أميركا تتحالف مع مصالحها فقط. في لحظة خاطفة تتفق المصالح وفي لحظات تختلف. تحالفت أميركا معنا في حرب الخليج. الصدفة جعلت مصالحنا في المملكة¡ وفي الخليج¡ تتفق مع المصالح الاميركية في مسألة الاحتلال العراقي للكويت. وإذا اردنا أن نتحدث بوصفنا أمة (سنة أو عرباً) كما نتباكى الآن¡ فسنرى صورة أخرى. راجع التاريخ لتعرف كمية السباب التي كالها هؤلاء (العرب والسنة) لنا ولأميركا.
صرح أوباما بكل وضوح أن ما يجري في سورية لا يتصل بأي من مصالحنا الأساسية. على أي الوجوه ستنتهي الأزمة السورية لن تضار أميركا. وإذا طالت المسألة السورية¡ فالمتضرر والمسؤول أهل المنطقة أنفسهم.
من يخبر كتابنا ودعاتنا وقنواتنا الفضائية أن أميركا دولة مستقلة. تأخذ قراراتها وفقا لما تمليه مصالحها وقيمها. تتفق المصالح في بعض الأحيان¡ وتفترق¡ ولكن الشيء المؤكد ان اختلافنا الثقافي¡ والحضاري¡ والأخلاقي مع أميركا لا يمكن تخطيه. من حسن الحظ أن أميركا متعددة¡ وتقوم سياساتها على شيء اسمه البراغماتية. ومن حسن الحظ أيضا أن أميركا تدير مصالحها وفقا لإستراتيجية تشمل العالم كله. لسنا في هذه المنطقة سوى جنود على رقعة شطرنج. عندما ينظر أوباما إلى الأزمة السورية¡ ينظر إليها من منظور يضم صراعه في المحيط الهادي¡ وفي شرق اوروبا¡ وفي افريقيا¡ فتظهر الأزمة السورية التي تملأ حياتنا مجرد نقطة صغيرة بالكاد ترى.
ما الذي يعني لأميركا أن يزول الأسد أو يبقى¿. أربعون سنة في سدة الحكم لم تتضرر منه أميركا¡ أو إسرائيل¡ ولم تكتسب سورية في عهد الأب وابنه على أي تقدم نوعي¡ لكي يفكر الغرب في التعاون معه أو تحجيمه. موغابي يحكم أنجولا منذ اكثر من ثلاثين سنة. في كل خطبه يشتم الغرب الاستعماري. ما الذي يهم السياسي الأميركي لو زال حكم موغابي أو استمر¿.
أميركا تعرف عدوها من صديقها. تعرف أن الذين ينشدون مساعدتهم هم من يهلل ويكبر¡ عندما يموت طفل أميركي في فيضان أو عاصفة تجتاح ولاية أميركية. هؤلاء يضمرون لها الشر أكثر من ألف أسد. يضحكون على من¿
إضغط هنا لقراءة المزيد...