سأكون صريحا إلى أقصى حدود الصراحة التي تسمح لي بها اللباقة**لمناقشة السياسة الجديدة (سياسة الحفاظ على الحصة) التي تبناها مؤخرا في نوفمبر 2014 معالي المهندس علي النعيمي مهندس سياسة إنتاج البترول للمملكة على مدى واحد وعشرين سنة (من عام 1995 إلى منتصف عام 2016).**
سأبدأ بتلخيص السياسة الجديدة لإنتاج البترول كما رواها معاليه بنفسه للصحفية رولا خلف¡ وهو يتناول معها الغذاء في العزومة التي اعتادت صحيفة الفاينانشال تايمز أن تقيمها لبعض الشخصيات البارزة الذين تسعى الصحيفة لإجراء مقابلة معهم لتنفرد بالأسبقية على أقرانها من الصحف العالمية.
تم نشر المقابلة في الصفحة الأسبوعية**Lunch with the FT (غذاء مع الفاينانشيال تايمز) يوم الجمعة 18 نوفمبر (قبل تسعة أيام) وهي -أي المقابلة- شيّقة جداً¡ إذا بدأت في قراءتها لن تتوقف حتى تصل إلى آخر كلمة في آخر سطر منها. لكن أنا هنا لا تهمني السيرة الذاتية المُشرقة لمعالي المهندس علي النعيمي¡ وسأركز فقط على أهم نقطتين جوهريتين متعلقتين بسياسة إنتاج البترولº وهما:
النقطة الأولى: سأقتبسها بالنص من المقابلة حيث تقول العبارات¡ أنه في نوفمبر 2014 استطاع معالي المهندس علي النعيمي أن يقنع صنّاع القرار في المملكة للإقدام على مخاطرة كبيرة (enormous gamble) بتغيير سياسة المملكة الإنتاجية من سياسة المنتج المرجح إلى سياسة المحافظة على الحصة.
لكن تعليقي أنا الشخصي على هذه العبارات أنه حسب المفهوم العلمي للمنتج المرجح فإن أرامكو لم تتخلى عن سياسة المنتج المرجح بتبنيها مؤخرا سياسة الحفاظ على الحصة فهي لا زالت كما صرّح (أكّد) معاليه عدة مرات¡ وكذلك تصريحات خلفه معالي المهندس خالد الفالح بأن أرامكو ستظل الملجأ الأخير لسد أي عجز طارئ في أسواق البترول عن طريق احتفاظها الدائم بطاقتها الإنتاجية الفائضة لهذا الغرض.
هذا هو المفهوم العلمي للمنتج المرجّح كما جاء في نصوص رسالتي للدكتوراه عام 1988 (قبل 28 سنة) وهو أن المنتج المُرجّح هو الذي يحتفظ بطاقة إنتاجية فائضة Surplus Capacity لاستخدامها لتلبية الطلب على البترول عند حدوث نقص عارض في عرض البترول.
النقطة الثانية: سأقتبسها أيضا بالنص من المقابلة حيث تقول العبارات بأن معاليه لم يُرد أن يقع في (أو يكرر) نفس الخطأ الذي وقع فيه سلفه معالي الشيخ أحمد زكي يماني في الثمانينات فكلفه وظيفته عندما قامت المملكة بدور المنتج المرجح للدفاع عن سعر البترول ففقدت حصتها التي استولى عليها بترول بحر الشمال وألاسكا والمكسيك وعندما حاولت المملكة استعادة حصتها انهارت أسعار البترول.
وتعليقي أنا الشخصي على هذه العبارات هو أنني أختلف كلياً مع فكرة معاليه (رغم أنها الفكرة السائدة لدى الناس في العلن) التي تقول بأن خفض إنتاج بترول المملكة في الثمانينات كان الغرض منه الدفاع عن السعر طبقا لتتنفيذ سياسة المنتج المتأرجح (Swing Producer).
لقد كنت حينها -أي في فترة الثمانينات- أكتب رسالتي للدكتوراه وكنت متابعاً دقيقاً لأسواق البترول عندما انخفض فيها إنتاج أرامكو (قبل السعودة) إلى حوالي 3.77 ملايين برميل في اليوم عام 1985 من أقصى قمته حوالي 10.26 ملايين برميل في اليوم عام 1981 مما فسره الجميع حينذاك بأنه للدفاع عن سعر البترول لكن انطباعي أنا شخصياً كان -ولديّ كمتخصص مبرراتي العلمية- أن سبب انخفاض إنتاج بترول أرامكو هو لأسباب فنية لا علاقة لها بالحفاظ على السعر وقد ذكرت هذا لماماً في رسالتي للدكتوراه.
الخلاصة: الآن انسجاماً مع سياسة الشفافية غير المسبوقة التي ستنتهجها أرامكو كما صرح معالي الفالح لصحيفة الفاينانشيال تايمز بتاريخ نوفمبر 16\ 2016 أعتقد أنه حان الوقت للمناقشة علمياً عن الفوائد التي أنقذت بترول الغوار من الاستنزاف بسبب إنتاج بترول بحر الشمال وألاسكا والمكسيكº وختاماً سأحتفظ برأيي مؤقتاً بخصوص سلامة سياسة المحافظة على الحصة.
إضغط هنا لقراءة المزيد...