الأدب هو نقد الحياة. "ماثيو أرنولد"
"يرقص أمامي السؤال: أي سرّ يجعل الجسد وصلاً¡ يرويّ ظمأً حارقاً يكاد يحطم روح صاحبه¿".
قد يشعر القارئ أن هذه الجملة تصلح جملة افتتاحية مذهلة وخالدة¡ ولكنها تخبرنا بالشيء الكثير عن رواية في (الهُنا) وزواياها المتسعة كالدهشة¡ للروائي الكويتي الغني عن التعريف د. طالب الرفاعي وقبل أن يكون القارئ قد قرأ أكثر من الفصل الأول يجد أن طالب الرفاعي حاضر بقوة كحضور العدالة¡ لكن صادفني شيء من الارتياح وتساءلت: ماذا بإمكان الرواية أن تفعل¿ يبدو أن نشوء الكثير من الروايات ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالحرية ومعناها¡ فالروايات تحوي الكثير من التجارب الفكرية وهذا استغوار للعمق الإنساني¡ وتقديم وعي ذي رؤية¡ كذلك الإحساس بالواقع والنظر له بشكل مختلف¡ وفي هذه الرواية حضر السيد طالب بشغفه وحكمته¡ ابتكر نوعاً من آلة الزمن فاستطاع نقلنا من مكتبة إلى أماكن أخرى فيها كوثر ومشاري وباقي أبطال الرواية¡ ففيها تكمن أسئلة لا نهائية من نوع كيف يتحرر الإنسان من نفسه ويفتح إمكانات جديدة للارتقاء¡ كيف هو شكل البحث عن الحرية في مجتمع يجرّم كل شيء لم يتعود عليه¿
في (الهُنا) رواية كالصدفة في جمالها تدور في الأساس حول فكرة مشاركة الروائي "طالب" أبطال روايته¡ حيث يجلس في مكتبه وقد اتخذ مكاناً قصياً ليتأمل مشاهد الحياة المتتابعة والمتكررة وأيضاً مشاعره وأفكاره وتبصره¡ وكأنه يحمل كاميرا ويسجل يومياته وأصدقائه مسلطاً عدسته حول عالمه من مكتبه الصغير. ومن المتعارف عليه أن الأدب يرتكز على مبدأ البقاء للأصلح مثله مثل الطبيعة¡ لذلك جاءت هذه الرواية على الرغم من عدد صفحاتها القليل إلا أنها تحدثت عن الكثير مما هو مسكوت عنه متمثلة بشخصية كوثر التي وقعت ضحية لاختياراتها¡ ومشاري اللامبالي¡ والكثير وكأنه يقدم لنا شريحة المتعبين في الحياة. أتى النص سلساً مليئاً بمشاعر باذخة حد الدهشة¡ فيه الكثير من المشاعر المرتبكة¡ والأرواح الحائرة المتمحورة حول ذاتها¡ رواية تفيض بالحس الإنساني.
إضغط هنا لقراءة المزيد...