خيّل لي أن إذاعة لندن المسموعة¡ أو هي إذاعة مونتى كارلو تأخذ الأمور بسهولة فائقة عند التعامل مع نشرات الأخبار¡ أو التوسع في الحدث. المذيعان يتحدثان مع بعضهما¡ وأحدهما يحمل الهاتف ليتصل بالمراسل.. ويأخذ ويُعطي¡ وانطبق هذا القول على الإرسال الفضائي الذي وصل إلى منطقتنا مع حرب تحرير الكويت تقريبا.
وعن ذاكرتنا عن البث الإذاعي¡ أذكر أن ثمة إرسالا إذاعيّا نفذهُ أحد هواة اللاسلكي في منطقة الرياض¡ واختار له موقعا في إحدى العمارات العالية في شارع الملك فيصل (الوزير)¡ وكان يُخاطب جمهوره بعفويّة ظاهرة¡ ويقرأ نشرة الأخبار من الصحف اليومية¡ كذلك – كحركة توزيعية – كان يقرأ نتائج الامتحانات في المدارس¡ ويُطالب الناس بعدم إقلاقه بالتلفون اليدوي¡ وينافس هذا العبقري¡ رجل في عنيزة اسمه الهديّان كان يُعيد بث إذاعة مكة الضعيفة في ذلك الوقت¡ بواسطة جهاز إرسال من تصميمه فيلتقطها السامع في المنطقة بصوت أوضح. وكوّن قاعدة مستمعين كثيرين.. وكان صاحب إذاعة الرياض يوجّه رسائل إلى مستمعيه¡ ويطلب منهم عدم الإكثار من المكالمات الهاتفية أثناء قراءة نتائج الامتحانات ويقول:
يافلان: إذا ما بطّلت المكالمات تراني "أنقز" اسمك¡ أي أتجاوز اسمك دون قراءة.
كان اسمها: الإذاعة الوطنيّة¡ وصاحب الفكرة رجل معروف بقدرته في فهم الإلكترونات¡ واسمهُ طامي¡ ولا تكاد الناس تعرف الإذاعة إلا باسمه الأول.
أجد في طرق مواضيع كهذه محاولة للمقارنة الدافئة والحميمية بين الماضي والحاضر¡ بين شبح الشح في المعلومة¡ والحياة المعاصرة المترفة جدا.
من الصعب في كل عمل إعلامي¡ أو أداء علني جمع المتلقين تحت مظلة الذوق الواحد¡ ولو انني عدتُ إلى موضوع الإذاعة والتلفزيون¡ وأسلوب قراءة نشرات الأخبار فأقول إننا بإذاعة طامي سبقنا مونت كارلو¡ لأن العفوية والبعد عن التكلّف كانت نمط المبادرة.
وكان مذيعو النشرة في أغلب التلفزيونات العربية الرسمية كأنهم تكاثي رخامية ذوات قواعد ثابتة لا يتحرّك منه حتى عيونه أو جفونه.
ومذيعو التلفاز في أميركا وأوربا¡ يحاولون القفز من مادة أو خبر إلى آخر من أجل جذب أكبر عدد من المشاهدين.
في واحدة من المحطات الأميركية كانت قارئة النشرة الجويّة مذيعة حسناء. التفتت إلى زميلها قائلة: نتيجة هذه التقلبات الجوية المفاجئة.. الشدة غير المتوقعة في البرودة.. فقد نحتاج إلى بطانية إضافية هذه الليلة..¡ وهي تعني بـ"نحتاج" المشاهدين طبعا.
فردّ زميلها بخبث رافقتهُ ابتسامة عريضة: نحتاج ¿.. ماذا تعنين !.
What do you mean by we
إضغط هنا لقراءة المزيد...