مازلت منزعجا¡ وأكرر ذلك¡ حيال عدم أرشفتنا ورصدنا لكثير من الأشياء¡ بما فيها التمرحل¡ على جميع الأصعدة¡ سياسيا وفكريا واجتماعيا واقتصاديا وغيرها¡ أو العمل على ذلك بشكل مقتضب¡ أو من زاوية أحادية¡ ما يصعب علينا فهم وتحليل الأشياء¡ ويسبب الارتباك -بكل تأكيد- للأجيال التي ستأتي بعدنا.
بعيدا عن المجالات أعلاه¡ فالمجال التقني والاتصالي من تلك الأشياء المتطورة بتسارع¡ والمنسية من الرصد¡ وتحديدا فيما يتعلق بالتفاعل مع الشبكات الاجتماعية.. والتي شهدت تغيرا في ماهية التعاطي والحضور والتفاعل.
السؤال الذي يشرح ذلك الجانب المهمل¡ كيف وصلنا للاحترافية في الحضور على الشبكات الاجتماعية¿ وأتمنى أن أكون دقيقا في هذا¡ وتحديدا في استخدام المنظمات¡ المعنية غالبا في العملية الاتصالية¡ لذلك أرى أن هذا التعاطي مر بثلاث مراحل¡ قد نكون ساهمنا في بنائها أو معايشتها¡ دون إدراك للتحولات¡ أو التغير¡ وهي كالآتي:
أولاً: مرحلة الأسبقية¡ أو المبادرة¡ وهي المرحلة التي كانت فيها المنظمات التي تستخدم هذه الشبكات سباقة¡ والأمر في خيار¡ يرتقي للرفاهية أحيانا¡ وقد استفادت بالتأكيد تلك المؤسسات المبادرة¡ عبر الحضور المبكر¡ الذي مكنها من اختيار المكان الأنسب قبل الآخرين.
ثانياً: مرحلة الضرورة¡ أو الحتمية¡ وتعرف فيها المرحلة التي أصبحت لا مناص منها لأي منظمة¡ تعي أهمية العمل الاتصالي أو الجماهيري¡ من الاشتراك والحضور والتفاعل¡ وفيها كان الالتقاء والتصادم أكبر مع الجماهير¡ وتشكلت بشكل كبير الرؤى والقناعات المؤسسية¡ وتم إقرار السياسات والأنظمة واللوائح.
ثالثاً: مرحلة الإبداع¡ أو الابتكار¡ وهي المرحلة التي تلت المرحلتين الأوليين¡ وأزعم أننا نعيشها الآن¡ حيث لم يعد الأمر يتعلق بالحضور من عدمه¡ وإنما بكيفيته¡ وآلية التعامل والتفاعل¡ لكن مشكلتها أنها ارتجالية غالبا¡ وتعتمد على الأفراد في معظم الأحايين¡ وليست مستدامة.
أمر في غاية الأهمية¡ ينبغي الالتفات له¡ هو عدم نضوج الممارسات¡ أو إقرار النظريات¡ حتى الآن¡ واختلاف الكيفية من مجتمع لآخر¡ ومن مؤسسة لغيرها¡ ما يقول لنا بشكل ضمني إن التحولات لم تنتهِ بعد¡ ولم تأخذ شكلها النهائي المفترض.
ما يحزن¡ أن كل ما يحدث يأتي بالتوازي مع غياب الأبحاث المتخصصة¡ وسكون الكثير من المتخصصين والأكاديميين إلى الخمول¡ وقبولهم بالمعلومة المستوردة¡ دون المحاولة لتحليلها أو الاشتراك في صنعها.. مع التفرغ التام للنقد¡ وممارسة التنظير من علو! والسلام..
إضغط هنا لقراءة المزيد...