لم يعد سرّا القول إن معظم المناشط العلميّة التي تنظمها المؤسسات الخليجيّة الخاصّة والعامّة باتت مثل "المحميّات" الخاصة "لشلل" تتنادى فيما بينها وتتواصى على أسماء محدّدة سواء من المتحدّثين العرب أو الضيوف الخليجيين الحصريّين. ومن العجيب أن أسماء هذه "الشلل" لا تتغيّر حتى بتغيّر الموضوعات فهم حاضرون بذواتهم في ندوة عن "اللهجات الخليجيّة" وبعدها في ملتقى "تقنية النانو" وتجدهم أيضا خبراء مؤتمر "الربع الخالي والأمن الغذائي" ومتحدثين متواجدين في لقاء "السلام العالمي والقوة الناعمة". يقول أحد الظرفاء "ربعي" تجمعهم "قروبات" الوناسة على تطبيق "الواتساب" ومنه ينتثرون إلى مقاهي المؤتمرات والندوات.
والإشكال هنا ليس في تكرار الأسماء فقط ولكن في اجترار الموضوعات وانتهاك التخصص العلمي وهدر المال بلا طائل. على سبيل المثال وخلال الثمانية أشهر الماضية وصلتني بضع دعوات وتابعت بحكم الاهتمام ما يزيد على 20 مناسبة خليجيّة الشيء الوحيد الثابت فيها هو تكرار أسماء المتحدثين و"العكّ" في ذات القضايا دون إضافات تستحق كل هذه "الهيلمة".
وأذكر أنّ منسّقة ندوة عن الإعلام الجديد تواصلت معي للمشاركة ولما استفهمت منها عن المشاركين المرشحين ذكرت أسماء ليس بينها مختصّ أو محترف. الطريف أنّ المنسّقة ذكرت اسم سيّدة مشاركة ينحصر كلّ نشاطها في الإعلام الجديد في بثّ لقطات "سناب شات" لغرف الفنادق التي تُستضاف فيها في المناسبات الخليجيّة (الكثيرة). والجميل أنّ سيدة المؤتمرات هذه لا تحرمنا حينما يكون هناك فاصل بين فندقين (عفوا مناسبتين) من لقطات فناجين قهوتها ومقاطع عن "قطتها" وهي تتقلّب معها على السرير.
وممّا يُذكر (فيُنكر) أنّ أكاديميّا متخصّصا في "طرق التدريس" طلب ترشيح أسماء إعلاميين روّاد لتكريمهم في ندوة خليجيّة فذكرتُ له بعض من أعرف فاعتذر عن قبول اسم اثنين منهم لعدم قناعته بهم مذكّرا إيّاي بأنّه أحد أعضاء لجنة الترشيح للجوائز الإعلاميّة! هذا الأكاديمي الجهبذ - ما شاء الله - ضيف كل مؤتمر خليجي يتنقل من مدينة إلى مدينة محاضرا في الصراعات والاقتصاد وحتى حقوق المرأة!
يقول المنطق السليم إنّ غاية أي مؤتمر أو ندوة علميّة هو اجتماع متخصّصين ومحترفين أمام خبراء ومهتمين لبحث ومناقشة قضايا يهتمّ بها منظّم هذه الفعاليّة. والمحصلة النهائيّة (المفترضة) أن يخرج هذا (المؤتمر) أو الندوة بتوصيات "علميّة -عمليّة" تحمل اتجاهات جديدة في الموضوع محل البحث والنقاش. ومن أقل المنافع التي ينبغي استهدافها وتحصيلها في هذه المناسبات إظهار الوجوه الجديدة أو على الأقل إشهار اسم المؤسسة المستضيفة من خلال إطلاق مبادرات رائدة وفي الحد الأدنى إفادة المدينة المستضيفة اقتصاديا وثقافيا.
قال ومضى:
عجبي كيف لا يجد (القبول) سوى من يقرع (الطبول).
إضغط هنا لقراءة المزيد...