مع تنوع الفعاليات المقامة في مدينة الرياض تجد أن كثيرا من مضامين المشهد الاجتماعي تتغير بسرعة¡ بل إن بعضها خطف من بعضنا قدرة اللحاق بهؤلاء الشباب حيث اخترق هؤلاء الشباب عبر مساحات بسيطة الكثير من ممنوعات الأمس وتجاهل كثير من المعيبات وفق أفكار الأمس والقفز على كثير من حواجز أعراف كانت تتبختر بيننا متدثرة جلباب الدين¡ فتيان وفتيات¡ في مشهد مشترك يعملون متطوعين ومستثمرين¡ بكل رقي ووعي واحترام لبعضهما بعضا وأيضا للعميل المستفيد.. مشهد يؤكد بكل شفافية ووضوح أن نعت شبابنا بالذئاب وافتراض توحشهم وهم زرعناه ثم أقنعنا أنفسنا به لمجرد خطأ فردي أو شبه فردي لا يمثل إلا نفسه.. شبابنا على أرض الواقع ومن خلال عمله يثبت أنه يتقدمنا وأنه يؤسس لكيانات شابة وإن كانت بسيطة إلا أنها تؤكد أنه تغير للأفضل.
في عربته المعدة لتقديم الطعام يقف شاب سعودي أو أكثر لإعداد الوجبات الصغيرة بكل اعتزاز ولطف يتعامل مع المشتري بروح التاجر الصغير الذي يرى في هذه العربة شركة الغد وفخر اليوم¡ لم نرَ فيهم انكسارا أو خجلا من البيع¡ بل زهو وأناقة في حضورهم ومظهرهم قمة الأدب في التعامل مع غيرهم لا تجد فضاضة مع هذا ورقة مع تلك بل هو في كل الحالات رجل يؤمن أن باب الرزق الواسع يأتي مع مرتكز أخلاقي قبل أي شيء.. في الجانب الآخر من رصيف التغير الاجتماعي والفكري هناك فتيات أيضا يبذلن كامل جهدهن للعمل دون أن يخدش من كبريائهن أو كرامتهن شيء¡ فتيات يدركن أن قيمتهن في أخلاقهن تسبق مكاسب الريال¡ فتيات يدركن أنهن يزرعن اليوم لغد من خلاله تقدم للجميع أنموذج الفتاة السعودية التي نفخر ونباهي بها وعيا ونضجا وأخلاقا تقف في عربتها التي لم تستطع قيادتها لتعد القهوة بكل أنواعها والـ"بوب كورن" لتقضي على بطالتها وتصبح إنسانا منتجا.. إنسانا لا ينتظر أن تأتيه التباشير من حافز أو من الضمان الاجتماعي بحجة الطلاق أو عدم وجود عمل بل تأتيه من إنتاجه وإبداع يديه.
المتطوعون والمتطوعات في غير فعالية تراهم يبذلون جهودا كبيرة ومخلصة لنجاح النشاط وضمان نجاح زملائهم وزميلاتهم¡ روح التعاون تسود الجميع.. درجة عالية من التعايش بين الجميع لا تشعر أن هناك توحشا أو قلقا أو توجسا بين جميع الأطراف.. هذا النوع من الأنشطة يحقق الكثير من الأهداف فهو يقضي على بطالة هؤلاء الشباب ويدفعهم للكسب الحلال¡ أيضا يعمق من ثقافة التعايش المجتمعي ويكسر ثقافة العيب في العمل الشريف عند الشباب¡ كما أنه يضيف لهؤلاء الشباب والفتيات الكثير من الخبرات والمهارات التي لن تحققها الجامعات والمؤسسات التعليمية بل هي الممارسة العملية والتجربة.
تلك الفعاليات أكدت أن شباب الوطن تقدم للأمام متخطيا فكرة وتصور بعضنا عنه كثيرا وكثيرا جدا.. فقد أكد هؤلاء الشباب أنهم رجال وليسوا ذئابا¡ وأكدت تلك الفتيات أنهن سيدات أنفسهن وقرارهن ولسن نعاجا.




إضغط هنا لقراءة المزيد...