يستطيع الإعلام المخطط على مر العصور صناعة المشهد العام للمجتمع وتحريك الرأي العام وفق رغبة صانع المحتوى¡ ولو تمت صناعة إستراتيجية إعلامية لأي دولة وفق رؤية متقنة مع مدة زمنية كافية وتكامل في محتوى جميع الرسائل الموجهة للمتلقي فإنك تستطيع تحقيق أغلب أهدافك.
في السابق وعلى مستوى العالم كانت تلك الإستراتيجيات على مستوى الحكومات والمؤسسات تحقق أغلب أهدافها¡ بل وتنقل المجتمع بعد حقبة زمنية للوضع الذي يسعى له بناة الخطط الإعلامية وغالبا هم السياسيون وصناع القرار.. ربما اليوم تملك هوليوود قوة النفوذ الأكثر تأثيرا في العالم لقوتها وتنوع وسائلها وقدرتها على تجديد صياغة المحتوى مع حفاظها على أهدافه والتي ليست جميعها نبيلة.
مع دخول وسائل التواصل الاجتماعي بات الأمر أصعبº ولكنه ممكن خاصة مع المتلقي البسيط في تعليمه وثقافته وهذه سمة أغلب المجتمعات العربية.
مثلا رسائل الواتس اليوم وهي رسائل غير منظمة بل وتأتي من مصادر متباينة الأهداف والوعي والقوة.. تستطيع أن تثير حالة من القلق بين أفراد المجتمع حتى في حالة نفيها باعتبار أن لا دخان من غير نار.
هذا يفرض على من يعملون في الإعلام بكل أشكاله إدراك أن صناعة الرأي العام لا تتطلب تزوير الحقيقة¡ بل تتطلب الثقة في أطراف الموقف عموما وخاصة المتلقي..
مع إعلان الميزانية السعودية وقع كثير من الإعلاميين في مأزق ماذا يقول..¿ هل يمتدح أم ينتقد..¿
تلك الإشكالية عند البعض تكشف أنه يتعامل مع الحدث وفق زاوية ضيقة وهي أن النقد يعني سلب الآخر كامل حقه.. كما أن إبراز نقاط القوة يعني تطبيلا¡ وبالتالي هجوما خاصة من بعض رموز شبكات التواصل الاجتماعي.
إشكالية الرأي المطلق على عمومه إيجابا أو سلباº علما أن النقد الموضوعي لا يدخل تحت خانة الطرح السلبي¡ والمدح أيضا غير الموضوعي لا يعتبر إيجابا بل هو قمة السلبية¡ وهذا التعميم لا يتفق مع أهمية وضرورة تقييم برامج مهمة بحجم ميزانية المملكة العربية السعودية في هذه المرحلة حيث البحث عن توازن اقتصادي واستمرارية تنمية وتنويع مصادر الدخل على أساس رؤية إنتاجية وليست تحصيلية¡ تزاوج بين القطاع العام والقطاع الخاص خلال تدرج مرحلي يبتدئ بالمساندة ثم انطلاق القطاع الخاص وتكتفي المؤسسة الحكومية بالتشريع والتنظيم والحماية.
لن أبالغ لو قلت إن بعض ما طرح بلغت سلبيته أن أثار الرأي العام ورفع من وتيرة القلق لدى البعض¡ والإعلام الذكي في بعض مراحل الأزمات أو التحولات بكل أنواعها مطلوب منه خلق حالة من التفاؤل والإيجابية دون إغفال لذكاء المتلقي¡ وأيضا دون بخس المسؤول حقه.
إضغط هنا لقراءة المزيد...