الصحافة مهنة المتاعب¡ وصف أطلق على أكثر المهن مخاطرةً وشقاءً وعقاباً¡ هذا تعريف عالمي¡ أما التعريف المحلي للصحافة فهي مهنة الشباب العنيدين الذين يبحثون عن عدم اليقين في حياتهم الاجتماعية والمعيشية¡ فمراتبهم المهنية مشكوك في مكانتها ورواتبهم مشكوك في استمرارها¡ والأكثر شقاء من هذا مطلوب منهم أن يساهموا في صناعة الاستقرار الاجتماعي ونشر اليقين الحياتي للناس حتى لا يضجروا من أوضاعهم وقيمهم التي حافظت على بقائهم كمجتمع. وعلى الرغم من هذا بقى هؤلاء العنيدون في مهنتهم التي اختارتهم لهذه المهمة المربكة في إيمانها بثوابت الحياة الاجتماعية.
الصحفي السعودي المتفرغ للمخاطرة والشقاء¡ من أجل أن يكون هناك مهنة تخلق توجه بلد ومجتمع¡ يتعرض في الوقت الحالي للتلاشي المهني بسبب الأوضاع المالية التي أصابت المؤسسات الصحفية بمرض التقشف¡ وإن انقرض الصحفي انقرضت الصحافة: المقصود في الصحافة في هذا المقال ليس الصحافة الورقية ولكن الصحافة كعمل يتطور تقنياً وبشرياً ومؤسساتياً¡ أي كمهنة منتجة¡ تنتج المعلومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية¡ وغياب هذه المهنة أو تعرضها لمشاكل صعبة يصيب العمود الفقري لاستمرارها¡ أمر يدعو للقلق على وسائل إنتاج خطابنا الوطني¡ الذي نتسلح به أمام أسلحة الخطر الفتاكة الموجهة من الخارج نحو استقرارنا وقيمنا الوطنية¡ فالتقشف في السلاح الإعلامي في هذه المرحلة خطر يساعد على تسهيل وصول الخطر الخارجي إلينا¡ فوجود الصحفي السعودي المتفرغ تماماً للعمل الصحفي والذي لا تشغله مصلحة أخرى عن مهنته يعد بحد ذاته عملاً وطنياً مطلوب الحفاظ على استمراره وبقائه¡ فما نشهده اليوم في المؤسسات الصحفية من مصاعب تجاه الاضطرار لتقليص عدد الصحفيين المتفرغين في المؤسسات الصحفية قد يكون قراراً مطلوباً لتخفيف الأعباء المالية¡ ولكنه من الناحية الوطنية يعد خسارة كبيرة تضعف إنتاج خطابنا الوطني الذي هو سلاح المواجهة الحقيقي الذي ندافع به عن مكتسبات الوطن من الاختراقات الإعلامية الأجنبية التي تتصيد الفرص لاقتحام حصوننا المعنوية التي يحرصها الصحفي السعودي المتفرغ للمعركة والمواجهة¡ هيئة الصحفيين الموقرة مدعوة من خلال مجلسها الجديد لمناقشة الضمانات التي تحافظ على بقاء الصحفي السعودي المتفرغ لهذه المهنة¡ ومن ثم الرفع للمسؤولين في البلد عن المخاطر التي تواجه بقاء الصحفي السعودي¡ وهي في مجملها قضايا مالية¡ لا أعتقد أن صاحب القرار سوف يتجاوزها أو يقلل من أهميتها¡ فمتى ما وصلت القضية لصاحب القرار كان هناك حل.
إضغط هنا لقراءة المزيد...