تعتبر الخصوصية عنصراً ضرورياً للحياة الطيبة خاصة مع التقدم التكنولوجي الهائل في مجال جمع المعلومات الإلكترونية والبيانات الرقمية ونشرها واستغلالها¡ ما أدى إلى زيادة الاهتمام بالخصوصية والتي تعني حق الفرد في حماية حياته الخاصة والمحافظة على سمعته التي يحرص على عدم تدخل الناس فيها¡ ولذلك قامت الكثير من الدول بوضع أنظمة لحماية الخصوصية¡ وأعظم صور هذه الحماية تحريم الإسلام سوء الظن الذي يعقبه غالباً التجسس لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً..) والظن هو التهمة بدون قرينة حال تدل عليها¡ لقوله صلى الله عليه وسلم (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث¡ ولاتحسسوا ولا تجسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً).
وكما أسلفنا حافظ النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية على على حرمة الاتصالات وأنها مصونة في المادة (40) التي تنص على أن (المراسلات البرقية والبريدية والمخابرات الهاتفية وغيرها¡ من وسائل الاتصال مصونة ولا يجوز مصادرتها أو تأخيرها أو الاطلاع عليها أو الاستماع إليها إلا في الحالات التي يبينها النظام). وكذلك نص النظام نفسه على حرمة المساكن في المادة (37) والتي تنص على أنه (للمساكن حرمتها.. ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها النظام). وهذا يتفق مع تحريم التجسس وتتبع عورات الناس خاصة أن البيت يعتبر المكان الذي يمارس فيه الإنسان خصوصيته غالباً¡ لقوله تعالى (يأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم) فبهذا التنظيم الدقيق وضع الإسلام حدوداً للخصوصية داخل بيت الإنسان نفسه¡ وجعل لدخول البيوت شروطاً تضمن حرمتها وعدم دخولها إلا بإذن.
ونخلص إلى أنه إذا كان الأصل هو حق الفرد في حماية حياته الخاصة والمحافظة على أسراره العلمية والمهنية والعملية والمالية والاقتصادية وملفاته الطبية التي تحظى بحماية الكثير من الأنظمة القانونية من التعرض للتعدي والإساءة والتشهير¡ فنعتقد أن الحرص على حماية عرض الإنسان بتحريم الغيبة وسوء الظن والتجسس بكل صوره وأشكاله يعتبر من أرقى صور احترام حق الإنسان في حماية حياته الخاصة¡ وتبقى هذه الحماية مسؤولية الشخص نفسة بعدم ارتكاب ما يؤدي إلى انتهاك هذه الخصوصية.




إضغط هنا لقراءة المزيد...