إذا أردت أن تعرف طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه¡ فما عليك إلا أن تقف عند إشارة المرور لتدرك مدى التزام الناس بالأنظمة والقوانين¡ الذي يحدد بدوره مستواهم الثقافي والحضاري.
لن أتحدث هنا عن الإحصائيات المخيفة المتعلقة بعدد الوفيات والإصابات الناتجة عن الحوادث المرورية في بلادنا¡ التي وإن اختلفت أرقامها من جهة لأخرى تبقى من الأعلى على مستوى العالم..**الحديث هنا عن السلبيات التي تترافق مع التجاوزات التي ترتكب في شوارعنا كل يوم.
صفوف غير منظمة¡ وتنافس على الصدارة أمام الإشارات¡ وسيمفونية من الإزعاج والصراخ الصادر من أبواق السيارات ما أن يسطع اللون الأخضر¡ وكأننا في سباق مع الزمن.
سائق متهور يداهمك على الخط الأصفر يساراً¡ فإما أن تهرب منه لترتطم بسيارة أخرى¡ أو تختبر تهوره وصبرك¡ لتخسر (مراية) أو قطعة من سيارتك في طريق هذا الشخص لتحقيق عظمته¡ وإرضاء نزوته وطيشه.
المسارات أصبحت مواقف للسيارات¡ وكم هو سعيد بأن يجد سيارته سليمة معافاة دون خدش أو (طعجة)¡ أو أن تكون رهينة لسيارة أخرى جعلها صاحبها سجنا عليك حتى يتلطف بإزاحتها من مكانها بعد صبر طويل¡ وكظم للغيظ وربما أكثر.
ساعتان على الأقل كفيلة بأن تعكر صفو يومك¡ وتستنزف جهدك وطاقتك في كل مرة تقرر فيها مضطراً استخدام سيارتك لخوض غمار هذه المعركة الحتمية المحفوفة بالمخاطر.
المسألة لا تتعلق بالمخالفات ومدى تطبيقها¡ وزيادة أرقامها وغراماتها¡ بل بمدى انتشار الوعي في أوساط السائقين الذين لا بد من خضوعهم لدورات مكثفة في سلوكيات القيادة¡ قبل الحصول على الرخصة¡ وحتى بعد كل مرة ترتكب فيها مخالفة تعكس شخصية مضطربة لا تراعي حقوق الآخرين.
شوارعنا (مريضة نفسياً) لأنها انعكاس لحالة من القلق¡ وربما الإحساس بالفشل مع كل مواجهة حياتية تترجم من خلال قيادتنا غير المنضبطة¡ وسلوكنا غير الحضاري¡ وهنا نحتاج لطبيب نفسي مع كل رجل مرور للتعامل مع تلك الحالات.
في الأخير وحتى تتوحد جهودنا لمواجهة هذا الخطر القائم.. سأختم مقالي برسالة لك يا عزيزي المتهور: تذكر أن شوارعنا ليست لك وحدك¡ ففيها مركبات مليئة بكبار السن والنساء والأطفال.. والآباء الذين لهم من يعتمد عليهم وينتظر عودتهم.. وأيضاً شباب في مقتبل العمر ما زالوا يسعون لتحقيق آمالهم وطموحاتهم على هذا الطريق.. فلا تقتلها بتهورك.




إضغط هنا لقراءة المزيد...