وحماية الخصوصية في الشريعة لا تعني استخدام هذا الحق في ممارسة تصرفات وأعمال تحرمها الشريعة نفسها¡ أو تهدد سلامة المجتمع في عقيدته وقيمه وأخلاقه وأمنه واستقراره¡ مما يحتم وجود ضوابط واستثناءات على حق الخصوصية تقتضيها الشريعة وصيانة لحقوق المجتمع إعمالاً لمبدأ الضرورات تبيح المحظورات¡ وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب¡ ولا يجوز التوسع في هذه الاستثناءات إلا على هدى من القواعد الشرعية التي تحقق التوازن بين حق الشخص في حماية خصوصيته وحق الدولة في تغيير المنكر وتتبع الجرائم وتحقيق الأمن.
وحق الخصوصية يعتبر مطلباً إنسانياً على مستوى شعوب العالم بمختلف دياناتهم وثقافاتهم وأجناسهمº حيث نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10/12/1948م وفي مادته (12) بأنه: (لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته ولا لحملات تمس شرفه وسمعته ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات). واتساقاً مع جهود البشرية في رعاية حقوق الإنسان وبخاصة ما صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة من إعلان واتفاقيات هدفت إلى حماية الإنسان وتوفير حريته وضمان حقوقه¡ أعلنت منظمة المؤتمر الإسلامي في المادة (21) من ميثاقها: (أ) لكل إنسان الحق في الاعتراف له بشخصيته الشرعية من حيث أهليته للالتزام وللإلزام. (ب) لكل إنسان الحق في الاستقلال بحياته وأسرته وماله واتصالاته الاجتماعية ولا يجوز التجسس عليه أو الإساءة إلى سمعته¡ ويجب على الدولة حمايته من كل تدخل تعسفي.
ونخلص إلى أنه مع انتشار تكنولوجيا المعلومات وزيادة البيانات المتولدة والمخزنة وانخفاض تكلفة معالجتها¡ تقوم الحاجة لحماية خصوصية المعلومات¡ وهذه الحماية القانونية تتطلب وجود الإخطار بكشف سبب جمع المعلومات وكيفية استخدامها ومدة وآلية الاحتفاظ بها¡ ولا يكفي الإخطار لانتفاء المسؤولية فلا بد من الحصول مسبقاً على موافقة صاحب المعلومات وعدم إساءة استخدامها¡ ونعتقد أن الأخطار¡ والموافقة¡ والخضوع للمساءلة تشكل أساساً لنظام الحماية القانونية لخصوصية المعلومات¡ وبالجملة تبقى حماية حق الخصوصية مسؤولية صاحب المعلومات نفسه¡ في ظل وجود الكثير من الوسائل التي يمكن من خلالها انتهاك حق الخصوصية خارج نطاق الحماية القانونية.




إضغط هنا لقراءة المزيد...