التغيرات الفلكية والمناخية من الظواهر الطبيعية التي لم تكن غائبة عن ذهن الشاعر وكأنه يرصد التغيرات ويقدمها للمتلقي في جملة شعرية أشبه ما تكون بالنظريات الفلكية وخصوصا في رصد حركة النجوم والأنواء وما يصاحبها من هطول الأمطار وحركة الرياح وصياغتها في جمل شعرية تعتبر في حينها جملة يعتمد عليها أهل الزراعة وأصحاب الأبل ولقد رصد الشاعر الفلكي راشد الخلاوي العديد من الثوابت الفلكية وما يصاحبها من تغيرات اجتماعية واقتصادية في حياة البادية وأصحاب الزراعة يقول متحدثا عن نجم الثريا:
إذا قارن القمر الثريا بتاسع
يجي ليال بردهن كباس
ثمان ليال يجمدن الماء على الصفاء
يودع عودان العظاة يباس
ومن خلال شعره أن الشاعر الفلكي يرصد الظاهرة المناخية ويربطها بظهور النجم أو حركة الفلكية حول الكواكب والأجرام السماوية الأخرى وكون البادية والمزارعين كان لهم اهتماما بدخول الفصول وحركة النجوم فقد اهتم العامة أيضا بهذا الجانب واختصروه في جملة شعرية قد تكون تحذيرية أو تنبيه بالتحرك إلى نشاد زراعي أو رحيل أو تغيير للمكان ومن ذلك قولهم (قران حادي برد بادي) ويقولون (قران تاسع برده لاسع) ومن أقوالهم أيضا (إذا غابت الثريا عشاء دور لذودك رشاء) وهذا يعني إنه إذا غابت الثريا مع وقت العشاء دخول فصل الصيف وارتفاع حرارة الجو وعلى صاحب الإبل والمواشي إعداد الرشاء وهو الحبل الذي يجذب به الماء من البئر ومن أقوالهم أيضا (لاظهر سهيل لاتأمن السيل) وقد حصر الخلاوي أيام القيظ في هذه الأبيات ومن بعضها يقول:
اليا صرت بحساب الثريا جاهل
ترى لها بين النجوم رقيب
إلى غابت الثريا تبين رقيبها
وإلى طلعت ترى الرقيب يغيب
ومع حركة النجوم وظهور نجم واختفاء نجم آخر تحدث تغيرات في حياة السكان في الصحراء والقرى ولم يكن الشاعر بعيدا عن رصد وجدانيات المفارق ومن أمثلة ذلك رحيل البادية عن الموارد والمزارع بعد طلوع نجم سهيل حيث يميل الجو إلى الاعتدال ويتم صرام النخيل حيث يأخذ البادية حصتهم من التمر ويرحلون إلى مساقط المتر ومن هنا يحدث الفراق بين البدو وأهل القرى وقد عبرت إحداهن عن هذا الفراق بقولها:
الله لا يعود سهيل ومبداه
عجل على تمر النخل بالنجاحي
والمعلومات الفلكية امتدادا لمعرفة سابقة عند العرب توارثوها وعرفوها بالممارسة ومن ذلك وصف حركة الرياح واتجاهها وربط ذلك بدخول الفصول يقول الشاعر الشوشان:
عقب تظهر الجوزا نظيم تلالا
تبرى لها الهقعة يمين بجانبها
بها القطع للأخشاب لى نش عودها
تسلم من القادح عواصي خشايبه
ومازال المزارعون وسكان البادية يهتمون بهذه الظواهر ودخول الأنواء كما يتداولها العامة بينهم كموروث عربي قديم له محبيه والمهتمين به.
إضغط هنا لقراءة المزيد...