لو سألتك عن أثمن سلعة في الكون أو على كوكب الأرض¡ فبماذا تجيب¿
هل هو الذهب أم الألماس أم مادة الكاليفوريوم.. أم شيء آخر لم تفكر فيه¿
في طفولتي قرأت رواية خيالية عن حضارة كونية متقدمة سبقتنا بآلاف السنين.. بدأت نهضتها العلمية والتقنية قبل ظهور البشر بمليوني عام (مقارنة بنهضتنا الصناعية التي ظهرت قبل بمئتي عام فقط). تقدمها التقني الكبير أتاح لها التجول في الكون بسرعة الضوء واستعمار كواكب كثيرة دون علم أهلها.. فهم من زرع البشر (دون علمهم) فوق كوكب الأرض وظلوا يراقبون تكاثرهم طوال قرون.. وبين الحين والآخر كانوا يحصدون آلاف الأجساد لاستخراج جين خاص بالشباب والعمر الطويل.. كان كبار المسؤولين في الإمبراطورية يتقاسمون هذه الجينات لزراعتها في أجسادهم والمد في أعمارهم لقرون طويلة قادمة.. كان كل عام يضيفونه إلى أعمارهم يتطلب جينات مستخلصة من مئة جسد بشري.. وبين الحين والآخر تصاب إحدى المزارع البشرية (فوق أحد الكواكب الأرضية) بحالة عطب أو انقراض تتسبب بنقص حاد في جينات العمر الطويل.. وفي هذه الحالة يتم افتعال حروب طاحنة فوق بعض الكواكب لتعويض أزمة الجينات في الإمبراطورية الكونية العظيمة (ومثال ذلك الحربان العالميتان التي قضت على 66 مليون إنسان)..
وفي حوار مع فتاة بشرية تم اختطافها من كوكب الأرض تقول الإمبراطورة: حضارات كونية كثيرة قبلنا كانت تتجول بين المجرات بحثا عن المعادن الثمينة¡ ولكن أجدادنا اكتشفوا أن (عمر الإنسان هو أغلى مادة في الكون) فبدأوا يزرعون البشر للمد في أعمارنا نحن..
ورغم أنها رواية خيالية نبهتني مبكرا إلى أن حياة الإنسان هي بالفعل أغلى مادة في الكون (على الأقل بالنسبة لصاحبها).. قد تحمل هم المال والثروة والسلطان (وتتملكك الغيرة من قائمة أثرياء فوربس) ولكنك ستنسى كل ذلك بمجرد كتم أنفاسك لعشرين ثانية فقط.. مجرد استمرارك على قيد الحياة هو بحد ذاته ثروة عظيمة ونعمة لا تضاهيها نعمة.. كل دقيقة تعيشها بمثابة ثروة جديدة لا يمكن تعويضها بعد انتهائها أو عدم وعيك بوجودها..
وباستثناء الدفاع عن وطنك وعائلتك¡ لا تصدق من يطلب منك التضحية بحياتك.. لو كان صادقا في دعوته لكان أول المطبقين لها¡ ولو كان واثقا من مصيره لما تمسك بحياته وحياة أبنائه..
الحقيقة هي ان الماضي بالنسبة لنا أصبح في حكم المنتهي¡ والمستقبل في علم الغيب¡ ولا نملك غير الحاضر (ثروتنا الحقيقية)..
ومقال اليوم مجرد محاولة لتنبيهك إلى أن حياتك هي أغلى مادة في الكون.. إلى أن ثروتك الحقيقية هي اللحظة التي تعيشها وتتنفسها ويخفق فيها قلبك بشكر النعمة..
وأشكرك بالمناسبة على منحي شيئا منها لقراءة هذا المقال..
إضغط هنا لقراءة المزيد...