موضوع تقييم الأداء من الموضوعات الجدلية , وهي إحدى المهام الأساسية في عمل المديرين والمشرفين¡ كونها ذات علاقة مباشرة بالتطوير المهني والترقيات والمستقبل الوظيفي بشكل عام. هذه الأهمية تجعلها أحيانا تسبب توترا في العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين.
أحد مديري الإدارات في منظمة صغيرة يحكي تجربته مع تقييم الموظفين على النحو التالي :
يقول المدير إن الادارة العليا طلبت منه تطبيق نظام مقنن للتقييم¡ فقرر استخدام نموذج كان يستخدمه في الجهة السابقة التي كان يعمل بها.
النموذج يحتوي على مقياس يتدرج من 1 الى 5 . ( 1 يعني الأسوأ , و 5 يعني الأفضل)
يتذكر هذا المدير أنه عند بدء تطبيق نموذج التقييم أعطى درجة خمسة من خمسة لموظف الاستقبال في موضوع خدمة العملاء¡ لتميز أدائه في هذا المجال. هذا التقييم انتقل الى رئيس المدير الذي أعد التقييم من أجل الاعتماد. الرئيس علق على التقييم وقال : لا أحد يحصل على درجة كاملة. قادت الحالة السابقة الى حوار بين الرئيس والمرؤوس حول تقييم أداء الموظفين. يعتقد الرئيس أن الدرجة الكاملة تجعل الموظف يتوقف عن تطوير نفسه.
أما المدير فيرى أن فلسفة رئيسه تقوم على وضع الموظف في المنطقة الوسط الآمنة بين 3.25 و 3.75 . لا تعطه 1 من خمسة , الأفضل فصله قبل حدوث ذلك , ولا تعطه درجة كاملة حتى لا يشعر أنه يستحق أن ينتقل الى جهة أخرى. عندما وصل الاختلاف في الرأي الى المدير العام للمنظمة وصف عدم إعطاء درجة كاملة بالغباء¡ حيث يرى أن من يؤدي عمله بتميز يستحق أن يبلغ بذلك من خلال درجة التقييم.
فكر المدير مدير الادارة بأن يشرح للمدير العام فوائد هذا الاسلوب في التقييم¡ ومنها استمرار الجدية في العمل¡ والبحث عن الأفضل , لكنه توصل الى قناعة بأن رأي المدير العام منطقي . توصل الى هذه القناعة لأنه لا يتذكر أن أداء أي موظف تحسن باستخدام هذا النوع من التقييم¡ ولا يستطيع تحديد الفرق بين درجة 3.5 و 3.75 ولذلك فالقول بأن لا أحد يحصل على درجة كاملة خوفا من توقفه عن العطاء هو كلام غير منطقي , كما أنه لا يرى أي تأثير لهذه الآلية في التقييم على تحسين الأداء.
إذا كان الأمر كذلك , فلماذا الاستمرار في تطبيقه ¿ وهل من بديل ¿ وهل الاستسلام للعادة¡ جعلت المدير يتكاسل عن البحث عن اسلوب أفضل ¿
بعد هذه التجربة¡ قرر مدير الادارة أنه بحاجة لتغيير طريقة التقييم¡ فبدأ باستخدام طريقة غير رسمية لتقديم التغذية الراجعة من خلال الحوار المباشر مع الموظف. اتضح له أن هذه الطريقة يغلب عليها الطابع الإنساني¡ واقتنع بأنها طريقة ناجحة .
الطريف أنه بعد هذا الجدل حول مقياس التقييم بالأرقام , أعطى مدير الإدارة تجربته الأخيرة 4.75.
تلك حالة إدارية جدلية قديمة متجددة, ولا تزال مفتوحة للنقاش¡ ومزيد من الأفكار والبحث عن آليات تقييم تجمع بين الفاعلية والانسانية, بين مصلحة العمل ومصلحة العامل.
القارئ العزيز : هل تتفق مع رأي مدير الإدارة أم مع رئيسه¿ , ولماذا في كلتا الحالتين¿ ولماذا لا يكون تقييم الذات هو الخطوة الأولى لإجراء الحوار الخاص بتقييم الأداء بين الرئيس والمرؤوس ¿
إضغط هنا لقراءة المزيد...