كل من يرتاد معارض الكتب العربية يلاحظ ازدياد عدد دور النشر¡ وهذه ظاهرة صحية¡ حيث لو لم يكن هنالك زيادة في اقتناء الكتب وزيادة في عدد القراء¡ لما كانت هذه الظاهرة الجيدة¡ ولكن¡ وعند متابعتي لعدد من معارض الكتب وبالذات المعارض الكبيرة مثل معرضي الرياض وجدة والشارقة وأبو ظبي إضافة إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب¡ وجدت أن أغلب دور النشر تلك محلية.
نحن نتذكر مقولة "القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد أو الخرطوم تقرأ" الآن تغير الوضع تماماً¡ فكل من تلك المدن إضافة إلى بقية العواصم العربية كسرت تلك المقولة¡ فكل مدينة تكتب وتطبع وتقرأ "مجازا".
الآن ليس من السهولة أن يبرز كاتب معين ليصل إلى مدن عربية أخرى غير مدينته. وكثير من الكتاب لا يهمه أن تتسع دائرة قرائه ليصل إلى خارج دولته¡ حيث بلغ أغلبهم حد التشبع¡ وأوهمته دور النشر المحلية التي أصدرت كتبه¡ بأنه حقق الطبع العاشرة او العشرين أو المئة¡ وغالباً ينطبق عليه المثل العامي "مين شافك ياللي في الظلام تغمز"¡ حيث أن كتابه أو كتابها نشرته دار نشر معينة¡ وبيع منه مئات النسخ¡ ولكن حقاً هل تجاوزت النسخ عشرة آلاف نسخة مثلا¡ وحقيقة هذا لاحظته في دور نشر¡ ربما يكون لها حضور في المملكة والكويت والامارات¡ ولكن نبحث عنها في مثلا معرض القاهرة الدولي للكتاب فلا نجد لها حضوراً وإذا شاركت فيكون جناحها صغيراً باهتاً لا يلتفت إليه أحد¡ وهذا ايضاً ينطبق على بعض دور النشر المصرية¡ حيث نفاجأ بالزحام الشديد وعشرات الآلاف من القراء أغلبهم تحت العشرين يقتنون كتاباً معيناً من دار نشر صغيرة ويشتد الزحام عند وجود الكاتب ليوقع على كتابه.
نتفق ان اغلب من يحقق كثافة التوزيع في الوقت الراهن هم نجوم مواقع الإعلام الجديد¡ ولكن للأسف أغلب كتاباتهم رديئة¡ وبالمناسبة فوجئت بزحام شديد لشراء رواية بالعامية لكاتب غير معروف لدى أوساط المثقفين عندما سألت عنه وذلك في معرض القاهرة للكتاب الأخير¡ ولكن له حضورا كبيرا في الإعلام الجديد¡ التي أصبحت للأسف مهيمنة على كل شيء لدرجة أن بعض دور النشر في الخليج وبعض الدول العربية بدأوا يسألون عن عدد المتابعين للكاتب دون النظر لقيمة الكتاب وصلاحيته للنشر.
الظاهرة المهمة مع هذا التغير الجديد هو أن العرب يكتبون ويقرؤون ما يكتبون¡ ولا يعنيهم مطلقاً أن يقرأ نتاجهم من هو بعيد عنهم¡ فهم يستمتعون بنجوميتهم في الداخل والتي للأسف غالباً تكون زائفة.




إضغط هنا لقراءة المزيد...