هدوء أسعار الإسكان نسبياً
شهد سوق الإسكان السعودي لفترة طويلة اختلالات مدفوعة جزئياً بسيطرة العقاريين على السوق مع غياب المعلومات الدقيقة. لكن الهدوء لا يعني انه مستدام ولا يعني أن المساكن ستفقد قيمتها بنسبة كبيرة¡ حيث إن العقار عبارة عن أصول استثمارية طويلة لأجل وملاذ آمن ضد الدورات الاقتصادية.
وهنا علينا أن نفرق بين أسعار المساكن في الاجل القصير والطويل في إطار الدورات الاقتصادية¡ عندما يتراجع النمو الاقتصادي الثابت من 4.1% في 2015 الى 1.4% في 2016 وقد يتراجع الى 0.4% في 2017¡ حسب صندوق النقد الدولي¡ وبهذا سيشهد سوق المساكن تراجعاً اكبر في الفترة الحالية¡ لكن النمو الاقتصادي سيقفز الى 2.3% في 2018 نحو نمو مستمر¡ ما سيصاحبه قفزة في اسعار المساكن مع زيادة الطلب على المساكن الذي مازال يتجاوز حجم المعروض.
نستطيع فهم جانب الطلب اكثر من جانب العرض الذي يشوبه بعض الغموض¡ حيث ان ارتفاع الأسعار يعكس دائماً تقاطع الطلب القوي والعرض المحدود¡ وفي حالة ضعف الطلب فلا يمكن ان نجد أسعاراً عالية¡ وإذا كان العرض غير مقيد¡ فانه لا يمكن ان ترتفع الاسعار بأكثر من تكاليف الإنتاج¡ وفي الممارسة العملية¡ يوجد ترابط قوي وسلبي بين عدد رخص المساكن¡ ومستوى أسعار المساكن.
ففي الأجل القصير يكون مخزون المساكن ثابتاً¡ وأي زيادة في الطلب ستزيد الاسعار لكي يصحح السوق نفسه من خلال تعادل الطلب مع المعروض¡ حيث ان مرونة عرض المساكن في الاجل القصير تمثل التغير النسبي في معدل المساكن المشغولة الى التغير النسبي في الاسعار. وبهذا تكون مرونة العرض في الاجل القصير ضعيفة جداً¡ لكنها تتغير مع ظروف السوق¡ فإذا ما كان معدل المساكن المشغولة منخفضاً في البداية كلما زادت احتماليه زيادة معدل الإشغال وامتصاص جزء من الزيادة في الطلب.
اما في الاجل الطويل فيتجاوب سوق المساكن مع الزيادة في الطلب وذلك بزيادة استخدام الاراضي السكنية بكثافة أو زيادة كمية الاراضي السكنية. وفي كلا الحالتين يزداد مخزون المساكن او الاراضي¡ ما ينتج عنه ارتفاع متوسط التكلفة¡ حيث ان مرونة سعر العرض في الاجل الطويل تمثل المعدل النسبي للتغير في مخزون المساكن الى التغير النسبي في سعر المساكن الضروري لتغطية التكاليف¡ حيث انه من المفروض ان يكون عرض المساكن في الاجل الطويل مرناً جداً. وبهذا تتناقص مرونة العرض في المدي المتوسط عندما يزداد بناء مخزون المساكن تدريجيا في اتجاه المدى الطويل والذي يصاحبه زيادة في الاسعار من اجل التوازن في الاجل الطويل مع زيادة مرونة العرض¡ وهذا لا يحدث في سوقنا.
ان فهم عرض المساكن يساعد على التنبؤ بفقاعة المساكن¡ عندما تتسع الفجوة بين أسعار المساكن وتكاليف الإنتاج الأساسية في سوق تتميز بمرونة العرض¡ وهذا لا ينطبق على سوقنا الذي تضعف فيه المنافسة¡ ما أدى الى نقص المعروض مع الارتفاع الكبير والمتواصل في الاسعار خلال العقود الماضية وبهذا تبقى اسعار المساكن الجديدة غير مرنة في ضوء عدم قدرة شركات البناء أو المطورين على التخطيط السريع وبناء آلاف المساكن¡ حث ان الزيادة الكبيرة في أسعار المساكن لا تؤدي إلى زيادات كبيرة في الأراضي المتاحة للتطوير مع طول مدة تأخر مشاريع البناء الذي يعني محدودية المساكن الجديدة هكذا يصبح فهم سوق الاسكان ضروري لصياغة السياسة العامة ومن اجل تضييق الفجوة بين الطلب والعرض¡ لما للإسكان من أهمية كبيرة في الاقتصاد واستقرار أسعار المساكن¡ بما يخدم المستثمرين من ملاك ومشترين.




إضغط هنا لقراءة المزيد...