مؤلم أن تنهار بعد النجاح¡ ومحزن ألا تعرف السبب..
أثناء النجاح تشعر بثقة في النفس¡ وتعتقد أنك تعرف أسباب التفوق.. وحين تنهار تحتار في أسباب الفشل¡ وتحاول العودة لوصفتك السابقة بلا فائدة..
ما لا ندركه حينها أن المشكلة ليست في (أسباب النجاح أو الفشل ذاتها) بل في عدم رؤية المتغيرات القادمة..
وكما يحدث هذا للأفراد (رجال الأعمال على وجه الخصوص) يحدث أيضا للشركات (التقنية على وجه الخصوص) وللشعوب والأمم (التي تطمئن لحاضرها على وجه الخصوص)..
مازلت أذكر كيف بكى رئيس شركة نوكيا ستيفن إيلوب حين أعلن عن بيع شركته بثمن بخس.. قال "جربنا كل شيء ولم نخطئ في أي شيء ولكننا خسرنا كل شيء".. فحتى عام 2000 كانت نوكيا الفنلندية أكبر شركة أوروبية وأعظم مُصنع للهواتف النقالة في العالم.. سيطرت على 80% من أسواق الهواتف في العالم وانتشرت مصانعها في الهند والصين وكل مكان.. تجاوزت قيمتها السوقية عام 2000 (203 مليارات دولار) ولكنها هبطت عام 2009 إلى أقل من 44 مليار دولار. حاولت اللحاق بأبل وسامسونج وبقية الشركات الناشئة في الشرق الأقصى ولكنها في النهاية باعت نفسها إلى شركة ميكروسوفت بـ7.9 مليارات دولار فقط..
وقصة نوكيا تكرار لقصة موتوريلا (أول شركة صنعت الهواتف النقالة قبل أن تشتريها لينوفو الصينية بأقل من 3 مليارات دولار) وشركة ياهوو (التي كانت تسيطر على أعمال البحث في الانترنت ولكنها حلت نفسها مؤخرا وتخلت عن اسمها الشهير)..
قصة مكررة تعلمنا أن عدم التغير يعني تغير العالم من حولك.. أن الغرور بنجاحك يسمح للصغار بتجاوزك.. أن عدم القدرة على الابتكار سينتهي بخسارة عملائك وتخلفك عن منافسيك..
مشكلة نوكيا أنها لم تطور نفسها واستمرت في التركيز على الجانب الكمي (وإنتاج ملايين الموديلات الرخيصة) رغم أنها كانت الأقرب من أبل وسامسونج لإنتاج الهواتف الذكية الحديثة.. نجحت في الاستحواذ على أسواق العالم (لدرجة وصلت هواتفها لفقراء أفريقيا والهند) ولكن الغرور أعماها عن متطلبات الأجيال الجديدة..
بفضل الابتكار أصبحت شركة أبل فجأة أكبر مُصنِّع للهواتف في العالم (وهذا بالمناسبة ليس تخصصها)¡ ثم أتت سامسونج لتستحوذ على 30% من مجمل السوق.. وحين تنبهت نوكيا متأخرا لتخلفها لم تستطع اللحاق بركب الابتكارات المتواصل لهاتين الشركتين¡ ناهيك عن تحول ولاء الناس لنظامي أندرويد وISO الخاصين بهما..
أيها السادةº قصة نوكيا تعلمنا دروسا مهمة حتى على المستوى الفردي.. تعلمنا أنك إن لم تتغير سيتغير العالم من حولك.. تعلمنا أن النجاح يعمي الأبصار¡ وأن الغرور يقفز بالصغار.. تعلمنا أن الثبات يعني التخلف¡ وعدم التجدد يعني تحول العملاء لمنافسين آخرين..
.. قد يكون الرجل صادقا حين قال "لم نخطئ في أي شيء"¡ ولكنهم ببساطة توقفوا عن ابتكار أي شيء..
إضغط هنا لقراءة المزيد...