وصل بطل أفلام الويسترن والكاوبوي (رونالد ريغان) ذات يوم إلى البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدة¡ ممتطيا صهوة الأصوات التي كانت بحاجة إلى بطل!! بطل يحسم الحرب الباردة آنذاك مع الاتحاد السوفيتي التي تمددت وطالت واستنزفت الطاقات¡ وتركت العالم مذهولا من السيدة أميركا التي تتسع فيها مساحة شاشة السينما حتى تصل واشنطن.
وتلك هي أحد تحديات الديمقراطية التي قد لا تجلب الأفضل¡ أو الأكثر كفاءة¡ لكن فقط ذلك المحظوظ الذي تتضافر عدة عوامل في لحظة تاريخية معينة¡ وتقوده إلى المقدمة.
وقبل أن يصل الرئيس الأميركي ترامب (الذي يندرج في دائرة نجوم المجتمع الذهبي هناك) لم يتخيل الكثير من المراقبين وسط غابة من التكهنات¡ بأنه سيستطيع أن يسبق منافسيه إلى كرسي الرئاسة¡ عدا قلة ممن يمتلكون رؤية مختلفة عميقة¡ منهم المخرج والكاتب الأميركي مايكل مور¡ الذي جعل هناك 5 أسباب من الممكن أن تقوده إلى الحكم¡ من أبرزها استقطابه أصوات عمال الولايات الشمالية الفاقدين أعمالهم بسبب إغلاق مصانعهم وهجرتها إلى البلدان ذات اليد العاملة الرخيصة.
ترامب يرفض اتفاقية (التافتا) التي ساهمت في تدمير الولايات الصناعية¡ وإغلاق مصانع السيارات الأميركية ونقلها للمكسيك¡ مع التلويح بشعارات ذات نزعة قومية متحيزة لنوعها¡ ومتحفظة ضد الآخر¡ متباهية بإنجازات المهاجرين الأوائل.
ولكن هذا جزء من الحكاية وليس كلها¡ فالولايات المتحدة هي إرث طويل من ممارسات دستورية مؤسساتية¡ من الصعب أن يطغى فيها القرار الفردي¡ حتى ولو كان خطاباً قومياً شوفينياً يلبي عواطف الجماهير.
لذا ضجت العديد من الأوساط هناك خشية على قيم الحرية والعدالة¡ التي جعلت من الولايات الحلم الأميركي أرض الأحلام والفرص لجميع العالم¡ قامت مؤسسات المجتمع المدني هناك¡ مدعومة بقطاع كبير من الإعلام¡ لتنتصر لأميركا ضد أميركا.
فخرج مئات الأميركان متظاهرين ضد قوانين قائمة على أساس العرق والدين والنوع¡ بل إن ولاية كاليفورنيا أعلنت بأنها بصدد إجراء استفتاء عن انفصالها عن الكيان الفيدرالي الأميركي احتجاجاً على ارتفاع النبرة العنصرية¡ بينما أعلنت الشركات الأميركية العملاقة على اعتراضها على الإجراءات ضد المهاجرين (مايكرو سوفت¡ توتير¡ فيسبوك¡ وأبل) وهي الشركات التي يمثل موظفوها زبدة العقول المهاجرة من أصقاع الأرض.
أميركا تتصدى لأميركا¡ وتحميها من تحول الحلم الأميركي.. إلى كابوس.




إضغط هنا لقراءة المزيد...