مما لا شك فيه أن المسؤولية الاجتماعية تشكل رقمًا مهمًّا في معادلة التنمية والبناء¡ ويتمثل ذلك في اهتمام شركات ومؤسسات القطاع الخاص بمصالح المجتمع المحلي والتزامهم بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال توفير مجموعة من الخدمات الإنسانية والصحية والتعليمية والاقتصادية¡ وتقديم مساهمات للمجتمع بإيجاد برامج ومشاريع مختلفة تبدأ بإقامة مراكز وبرامج للتدريب والتعليم وتصل إلى المساهمة في تطوير المرافق من مساكن وطرق ومتنزهات ومراكز استشفاء وتأهيل¡ ودعم المؤسسات التطوعية والخيرية.
وللأسف أن فكرة المسؤولية الاجتماعية مازالت لم تترسخ بشكل جيد لدى معظم شركات القطاع الخاص ومازالت أعمالهم وممارساتهم على الصعيد التنموي والاجتماعي ضعيفة¡ على الرغم من أن الكثير من تلك الشركات تستثمر وتستغل ثروات المدن والمحافظات سواء في التعدين أو الصناعة أو الزراعة إلا أنها لم تقدم أي مساهمات تنموية تخدم المجتمعات المحلية في تلك المدن والمحافظات.
بينما نجد أن الشركات العالمية تتسابق في تقديم البرامج والمشاريع لخدمة وتنمية مجتمعاتهم كجزء أساسي من أهداف وأساسيات العمل المؤسسي لديها¡ بل إن الكثير منها قد حصل على (الأيزو 26000) التي تعتبر شهادة ومعيار دولي للمسؤولية الاجتماعية تعطى للشركات والمؤسسات التي تقدم مساهمات وبرامج تحقق النفع للمجتمع وتلبي متطلبات التنمية المستدامة.
وللفائدة لعلي أتناول هنا مثالاً رائعاً لتجربة شركة وول مارت للمراكز التجارية العالمية التي تبنت بعض الأدوار والأنشطة ضمن التزاماتها تجاه المسؤولية الاجتماعية¡ حيث قامت الشركة بالتبرع بمبلغ 3.4 مليون دولار في شكل منح للمنظمات غير الهادفة للربح لمساعدة الأمريكيين على العودة الى العمل من خلال دعم البرامج التدريبية لخلق قوى عاملة ماهرة¡ كما تبنت برنامج لمكافحة الجوع في أمريكا بمبلغ 2 مليار دولار في شكل نقدي وعيني بهدف القضاء على الجوع¡ وقدمت الدعم للعسكريين بمبلغ يصل إلى 20 مليون دولار¡ وقامت بتمويل برامج تعليمية وصحية للطلاب بقيمة 89 مليون دولار¡ أيضاً تبنت برنامج لمكافأة المعلمين من خلال توزيع أكثر من 45 ألف بطاقة هدايا على المعلمين لشراء مستلزمات للفصول التعليمية¡ وقدمت منح لمساعدة 450 سيدة يزيد عمرها عن 40 سنة للحصول على برامج تدريبية مختلفة لمساعدتهم على إعالة أنفسهم وأسرهم.
إن الأثر التنموي لتبني ممارسات المسؤولية الاجتماعية على المدن وسكانها سيكون كبيراً متى ماحفزت شركات ومؤسسات القطاع الخاص على تقديم إسهامات ومشاريع تنموية لخدمة المجتمع ولذا نتمنى أن يتم دعم الشركات التي تقدم مبادرات تجاه المسؤولية الاجتماعية من قبل الوزارات المعنية وبالأخص وزارة الشئون البلدية والقروية من خلال تقديم أراضٍ وتسهيلات في التراخيص والأنظمة البلدية¡ وكذلك تقديم الدعم لتلك الشركات من خلال صناديق التمويل الوطنية بإعطاء تسهيلات في القروض والتمويل والحصول على الائتمان المصرفي.
متخصص في التخطيط العمراني والتنمية
إضغط هنا لقراءة المزيد...