انتباهي ملتفتٌ الآن إلى كثرة معاهد التدريب الأهلية. وأظن أن عصر انتشار المعاهد المهنية نتج عن قناعة الناس تدريجيا¡ بأن الدراسة التقليدية أصبحت لا تُسمن ولا تغني من جوع.
أظهرت تجاربنا المرحلية نجاح معاهد متخصصة¡ مثل معهد الإدارة¡ ومعهد الجوازات¡ والمعهد المصرفي¡ ومعهد الدراسات الدبلوماسية وغيرها. تلك بكثرتها تدل على قناعات خبراء التدريب¡ بأن أي عمل أو وظيفة عصرية في قطاع¡ لا ولن تكتفي بالشهادات الآتية من التعليم التقليدي. لأن ما تعلّمه الخريج يختلف عن الحقل العملي الذي طُلب أداؤه.
لم نكن نتوقع اصطدام المفاهيم التي درسها الطالب في الجامعة¡ بالمفاهيم العلمية المعاصرة.
أردنا بنية تحتية مدروسة ومُبرمجة¡ لكن مناهج التعليم¡ بما فيها الجامعي والأعلى منه لم يسمع بمناهج كتلك التي أشرتُ إليها¡ وليس من بين المواد تعلمها مادة واحدة تقول له شيئا عن متطلبات مسك وظيفة عامة تتطلب قرارات سريعة¡ إنصافاً وشفافية.
اقتنعنا الآن فقط¡ أن الخريج في أول حياته العملية كان يعامل وظيفته بما تعلّمه وحفظه¡ لا بما يجيده. فحصل شح في جانب من حياتنا العملية¡ وفائض في جانب آخر. وأعطانا التعليم التقليدي¡ وملأ الأذهان بكل ما ليس له صلة بحاجتنا المباشرة.
والنتائج الملموسة أثبتت مدى سلامة نهج إحلال المعاهد المتخصصة¡ محل الدراسة الجامعية التقليدية¡ التي يكدح الشاب والشابة في سبيل نيل شهادتها¡ ثم يرى الساحة ملأى بقوائم الانتظار للعمل¡ وتبدأ الوساطات والشفاعات¡ ينجح بعضها¡ ويفشل البعض الآخر.
القناعة موجودة في أن المعاهد المتخصصة¡ هي إحدى طرق توطين الوظائف (حالة ماليزيا). إذاً لماذا الإصرار على مكابدة كل معوّقات الالتحاق بالتعليم الجامعي التقليدي¡ خصوصا في تلك الكليات التي سبقها الزمن¡ وسبق مستوى ومضمون مناهجها.
القيادة الإدارية لها صفات¡ ومن لم يملك صفة القيادة فسيجد نفسه مشغولا بأقرانه وزملاء العمل¡ وسيعمد إلى إحداث أي تغيير فقط لوضع بصماته في المؤسسة¡ ولا يهم حدَثَ تطوير أو لم يحدث.
أرى أن دعم تلك المعاهد الجديدة ببرامج تتفق مع منطق الحديث من الأمور¡ وإعطاء خريجيها الميزة التي يتوقعونها¡ وسيجد الموظف نفسه يعشق عمله دون الكثير من الحوافز.
دليل على منطقية ما أقول¡ وجدنا المصارف في بلادنا لديها دورات تدريبية للمستجدين¡ تاركة ما تعلمهُ الموظف (تقليديا) في ناحية¡ مانحة إياه دورة ودورة¡ حتى يصل إلى دورة إعداد المديرين.
من تلك المناهج تبرز القدرات الفردية.
الرأي: لا يكفي أن تكون قيادياً بمجرد حملك شهادة الدكتوراه¡ فلكل شيء حساباته ومعادلاته.




إضغط هنا لقراءة المزيد...