لست متفاجئاً من قوة الاستبصار العالية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-¡ ولا أذيع سراً حين أقول إنه قارئ حصيف للخريطة العرقية والمذهبية والثقافية في جميع دول العالم الإسلامي¡ بحكم اطلاعه وثقافته الرفيعة -حفظه الله-¡ وأيضاً بحكم علاقاته الواسعة بكبار الشخصيات حول العالم. ولَكَم غمرتني مشاعر ثقة عارمة بالحكمة التي يعالج بها الأمور وعمق رؤيته -سلمه الله- حين طالعت أنباء جولة زياراته الآسيوية المقبلة التي ستشمل دولة إندونيسيا.. وأمام إندونيسيا على وجه الخصوص لنا وقفة.
فالسواد الأعظم منا تتركز انطباعاتهم عن دولة إندونيسيا في كونها الدولة التي تصدر لنا العمالة المنزلية التي يتطلع إليها جميع العائلات السعودية ويحرص كل منا عليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً في ظل ندرتها إثر الأزمات الأخيرة الكثيرة التي عكرت صفو المشهد إثر تصرفات كثيرة غير مسؤولة من بعض العائلات¡ جعلت من بلادنا وجهة عليها كثير من الملاحظات لدى الجهات المسؤولة عن ملف العمالة هناك¡ لكنّ هناك حقائق كبيرة أكثر أهمية¡ بل ربما تكون الأكثر أهمية على الإطلاق¡ ينبغي أن نركز عليها ونأخذها في الحسبان جميعاً¡ بخصوص هذا البلد.
علينا جميعاً أن نفتح زاوية الرؤية أكثر حين ننظر إلى هذا البلد بالغ الأهمية¡ فمن شأن هذا أن يجعلنا نرى أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان¡ بتعداد سكان يربو على 200 مليون نسمة¡ نسبة 98% منهم مسلمون¡ معتدلونº فأهل إندونيسيا شوافع¡ دخلوا في الإسلام في ظرف تاريخي مثالي¡ بفضل الله¡ ثم بجهود مهاجرين حضارم قدموا لأهل إندونيسيا المثال الإسلامي في المعاملات الحسنةº ما جعل أهل إندونيسيا قديماً يحبونهم ويلتفون من حولهم ويستجيبون لدعوات الدخول في الإسلام بالكلمة والموعظة الحسنة.. هذا إذن هو الأساس المتين الذي قام عليه بنيان الدين الإسلامي في هذه الدولة الهادئة¡ والنمر الآسيوي الاقتصادي القوي الذي يمتلك ثروات طبيعية هائلة وطاقات بشرية عالية الكفاءة والذي يعد إحدى أهم البقاع الإسلامية اعتدالاً وثراءً في العالم¡ وأيضاً إحدى البقاع الإسلامية النادرة التي لم تطلها لوثة التطرف والعنف¡ ونسأل الله العظيم أن تبقى كذلك وأن يحفظها من التطرف وأهله.
وكان من الطبيعي أن تكون إندونيسيا بوصفها مركز الثقل الأكبر للمسلمين في العالم مقصداً للشيطان الإيراني الذي يتطلع ليسكن جميع التفاصيل في المنطقة والعالم¡ من خلال تشييع أهل البلاد الآمنة المستقرة بعيداً عن القلاقل والفتن¡ ليتخذ من الطائفة التي تتبعه فيها أتباعاً له¡ يوالونه أكثر مما يوالون أوطانهم¡ وهو السيناريو المتكرر في جميع دول المنطقة التي ما إن وضعت إيران فيها قدماً حتى ارتفعت ألسنة حرائقها¡ ثم جاء الشيطان الإيراني في عباءة راعي حقوق الشيعة التي لم يمسها أحد من الأساس في أي قطر من الأقطار الإسلامية¡ لكن إيران تبحث دائماً عن ذريعة لدس أنفها الكريه في شؤون الدول¡ وبعض المنخدعين بهذا الحديث المضلل يصدقون مع الأسف.
إضغط هنا لقراءة المزيد...