أفرزت رؤية المملكة 2030 حراكاً مجتمعياً بين وسائل الإعلام¡ وقادة الرأي¡ والجمهور تجاه الموضوعات¡ والأهداف¡ والقضايا التي اشتملت عليها¡ وظهرت لنا تحاليل معمقة في الشرح والتفسير¡ والحكم والتنبؤ عن ماهية هذه الرؤية¡ وأبعادها¡ وانعكاساتها الإيجابية على الاقتصاد الوطني¡ وهو سياق طبيعي تجاه رؤية مجتمع يتحول اقتصاده من الريعية إلى الإنتاج¡ وينسجم مع التغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم نحو التنافسية¡ والانفتاح¡ وتجاوز حالة الركود في هذا التوقيت.
لقد بدا واضحاً أن هذا الحراك يأخذ سمة التفاعلية في الحوار¡ وتداول الآراء¡ والتعليق¡ والرد¡ والتصحيح¡ باستخدام وسائط اتصالية متعددة¡ وهو ما ساعد على تنامي حرية الرأي¡ والتعبير في المجتمع¡ وتعزيز المشاركة الشعبية في حركة الإصلاح الاقتصادي¡ وتحديداً في شبكات التواصل الاجتماعي¡ حيث ساهمت حسابات وسائل الإعلام في تلك الشبكات¡ إلى جانب قادة الرأي والجمهور في إظهار مواقفهم¡ وتوجهاتهم¡ من القضايا الاقتصادية التي أثارتها الرؤية¡ وهو ما ترك رصيداً معرفياً يمكن تفسيره¡ والحكم عليه¡ لاسيما بين وسائل الإعلام¡ وقادة الرأي¡ وتنافسهما نحو استمالة الجمهور في ترتيب أولوياته من تلك القضايا¡ وإبرازها من خلال جملة من الأهداف والاتجاهات.
وسائل الإعلام تركز على قضايا الإصلاح الاقتصادي التي خلصت إليها رؤية المملكة¡ وهي: مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية¡ والبطالة¡ وتنويع مصادر الدخل¡ وكفاءة الإنفاق والتوازن المالي¡ والخصخصة¡ والتنافسية¡ بينما قادة الرأي والجمهور في شبكات التواصل الاجتماعي يركزون على القضايا الاقتصادية المثارة مجتمعياً¡ مثل: معالجة الفقر¡ وغلاء المعيشة¡ والتضخم¡ والإسكان¡ والصندوق العقاري¡ والبنية التحتية¡ والرواتب والبدلات¡ والتقاعد¡ والتأمين¡ والقروض¡ وهي قضايا على أهميتها لكن لم تتناولها الرؤية بشكل مباشرº لاعتبارين¡ الأول أنها جزء من قضايا إصلاح كبرى للاقتصاد السعودي¡ والثاني إمكانية معالجتها وابتلاعها ضمن القضايا الرئيسة للإصلاح¡ وهو ما سعت إليه الحكومة¡ من خلال إطار تكاملي لحوكمة الإجراءات¡ ومأسسة العمل¡ ورفع كفاءته¡ وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة¡ إلى جانب الإعلان عن برامج وطنية تنفيذية للرؤية¡ منها برنامج التحول الوطني 2020¡ وبرنامج التوازن المالي.
وعلى الرغم من تلك الجهود الحكومية المبذولة¡ إلاّ أنها بحاجة إلى صبر المواطن وتحمله¡ وقدرته على فهم الواقع والتعايش معهº حتى وإن بدا مؤلماً في بداياته¡ لكنه مثمر في نهاياته¡ والشواهد كثيرة لمن أراد أن يعمل¡ ويحصد الخير في وطنهº لأن ضريبة التحول لا تستثني أحداً¡ ولا تمايز بين دخل وآخر¡ أو ظروف وأخرى¡ ولكنها تفرز وعي المجتمع¡ وتختبر تحول مفاهيمه مع الواقع الجديد الذي لا تراجع عنه.
إضغط هنا لقراءة المزيد...