الاختلاف سُنـّة من سنن الحياة¡ ولا يوجد مجتمع مهما تشابهت معتقداته وثقافته إلا ويعيش حالة من الاختلاف¡ وهذا ما يجعله نابضاً بالحياة¡ قادراً على التكيف والنمو¡ مع الحفاظ على الجذور التي تربطه بتراب هذه الأرض التي نتشكل منها ونتشارك صنع هويتها ومستقبلها.
هذا هو الواقع الذي يحاول الكثير لدينا تجاهله أو تغييره بالشكل الذي يتلاءم مع أفكاره وتوجهاته¡ وما يؤمن به من سلوك ومبادئ.
موقف من هذا النوع هو ما يجعلنا في صدام مع أنفسنا¡ في اختلاف لا هدف منه أو غاية سوى تهميش الآخر ومصادرة رأيه¡ وتأليب المجتمع والدولة عليه.
في محيط من التنوع الفكري والثقافي هناك إصرار على تصنيف المجتمع وفق تيارات سواء ما يعتبروه محافظا أو ليبراليا.
من الواضح أن هناك توجها صادقا لخلق حالة من الترفيه البريء الذي يتناسب مع شرائح مختلفة من المواطنين¡ وباستثناء تجاوزات محدودة وقعت نتيجة سوء تنظيم¡ كانت جميع الفعاليات المقامة خلال الأشهر الماضية ناجحة جماهيريا بكل المقاييس.
رغم هذا النجاح والإقبال هناك من يسعى لتعطيله كما عطل الكثير من مظاهر الفرح¡ ولعل هذا ما فتح جبهة جديدة في المواجهة من خلال محاولة الطرف الآخر انتقاد المفهوم المغاير للترفيه.
بينما يغني محمد عبده مجدداً فوق هام السحب ولنا الله بعد غياب إجباري لسنوات عن مسارح الوطن يقوم البعض في مكان آخر بتكسير آلة العود ويرى أن ذلك نوع من التعبير عن رفض الحفلات الغنائية¡ ويبدو أن هذه الطريقة ستشمل البيانو وآلات موسيقية أكثر كلفة خصوصاً بعد حفلة الموسيقار عمر خيرت الأخيرة.
لا أريد أن أكون متحيزاً هنا¡ بل مؤمناً بالاختلاف طالما لا يصر الفريقان عن لعبة الإقصاء المشترك التي لا يستطيع أحد إنكارها أو تجاهلها.
للأسف لا تبدو المعركة شريفة¡ فهذا الكم الهائل من التخوين والتشكيك يثير الكثير من التساؤلات حول طبيعة الخلاف وتأثيراته المدمرة على معاركنا الأهم خارج الحدود.
من غير المقبول بتاتاً استخدام مقاطع لجنودنا على الجبهة وهم يعلنون تأييدهم أو رفضهم لإقامة الحفلات الغنائية¡ هذا خط أحمر تم تجاوزه ويجب محاسبة المسؤول عنه.
لا يمكن قطعاً إشغال أبطالنا بهذا النوع من الجدل العقيم الذي وصل إلى الدرجة التي تتطلب حواراً حقيقياً يعكس وحدتنا الداخلية بعيداً عن المهاترات التي نعيشها الآن ضمن محاولات كل طرف لممارسة دور الوصاية على المجتمع.
إضغط هنا لقراءة المزيد...