عنوان المقال هو الوصف الدارج الذي ينطبق على من يفتعل أزمة أو يختلق مشكلة لتحفيز ذي علاقة عمل وظيفية عامة أو خاصة¡ أو رابطة تعاقدية تجارية أو مدنية على مباشرة رفع (دعوى/دعاوى) قضائية لإشغاله أو إقصائه بإجراءات الترافع فيهاº هذا النوع من الخطط الرخيصة تنشأ عادة ممن يعتقد بأن له على غيره ميزة تقرير الحقوق والواجبات الوظيفية ومنحها¡ أو تحديد معاني الإرادة التعاقدية ومقاصدهاº ويظهر ذلك مثلا في سلوكيات من يستغل سلطة نفوذه الوظيفي لانتقاص حقوق أحد موظفيه عنوة¡ أو ينتهز تقدم مركزه القانوني النسبي في التعامل للإخلال بالالتزامات التعاقدية انفرادا¡ للانتقام من الطرف الآخر لأسباب قد تعود للخلاف في الصفات أو الاختلاف في القيم أو التعارض في التوجهات أو الخوف من المنافسة أو الغيرة من الإنجاز أو التميز في الأداء..
بالطبع بخس حقوق الناس الوظيفية أو التنصل من أداء الالتزامات التعاقدية بقصد اختلاق حدوث خلاف قضائي للزج بالطرف الآخر في سلسلة من الإجراءات الطويلة لإشغاله¡ ما كان يتصور لولا غياب الوازع الديني والرادع العقابي¡ والاستشعار بعدم قيمة أخلاقيات العمل في الممارسة الإدارية بنزاهة سواء في القطاع العام أو الخاص¡ وكذلك ما تستلزمه العلاقات التجارية أو التعاقدية إجمالا من أصالة في التعامل بأمانة واحترم متبادل في الالتزام بالمقتضيات المتفق عليها¡ والأهم من ذلك شعور البعض بمكنة القفز على القانون وسلطاته وإشغال الأجهزة القضائية بكل مالا يتماشى مع أهوائه أو يصطدم بتطلعاته¡ نتيجة القناعة بأنه متى وكيف شاء فهو خارج دائرة المساءلة القانونية والمحاسبة القضائية¡ كنتيجة طبيعية للإحساس بأن القانون لم يوضع إلا لخدمة مصالحه¡ لا لمحاسبة مغامراته.
وهنا تظهر أهمية العدالة الناجزة باعتبارها تمثل التطبيق الحقيقي لمفهوم العدل¡ لكن غيابها نتيجة طول أو إطالة أمد التقاضي المفتعل هو ما يعول عليه الطرف المخل بعلاقة وظيفية أو تعامل تجاري¡ لأن بطأها وصعوبة اكتمال تحقق مقوماتها بالصورة القياسية ينتفي معه الغرض من تحققها فيما بعد¡ وهو ما يشكل حافزا للغير للاعتداء على حقوق الآخرين وانتقاصها¡ مما يعزز من صحة الاعتقاد السائد بأن التخلص من (الطرف/الخصم) القوي قد يقتضي صنع أزمة أو مشكلة لإلهائه وإبعادهº ولهذا نقول: إن العدالة البطيئة تعد بمثابة اخفاق للعدل ولكل قيم الفضيلة بسبب ما يلحقه بطء إجراءاتها بناشدها من ضرر مزدوج¡ نتيجة لما تحفل به رحلة البحث عنها من كلفة وصعوباتº ولهذا يقال: (العدالة البطيئة ظلم)¡ لأن إدارتها لا يمكن ترجمة عدالته إلا ببلوغها لمرامها الناجز بصيانة الحقوق وحفظ المراكز القانونية¡ أو استجلاء ما لحقهما من انتقاص أو تعدي.
إضغط هنا لقراءة المزيد...