"إن التحدياتِ التي تواجهُ أمتنَا الإسلاميةَ خاصة¡ والعالمَ بصفةٍ عامة¡ وفي مقدمتِها ظاهرة التطرفِ والإرهابِ وصدامُ الثقافاتِ وعدمُ احترامِ سيادةِ الدولِ والتدَخلُ في شؤونِها الداخلية¡ تستدعي أن نقفَ صفاً واحداً في مواجهةِ هذه التحديات¡ وأن ننسقَ المواقفَ والجهودَ¡ بما يخدمُ مصالحَنا المشتركةَ والأمنَ والسلمَ الدوليين". هذه بعض من كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- أمام مجلس النواب في دولة إندونيسيا في يوم الخميس 2 مارس 2017م.
وإذا كان التاريخ سيسجل هذه الزيارة التاريخية التي قام بها الملك سلمان بن عبدالعزيز لدولة إندونيسيا¡ فإن ما جاء في مضامين كلمته -حفظه الله- يعتبر وثيقة تاريخية للعالم الإسلامي بشكل خاص وللعالم بشكل عام. ومن هذه المضامين والمعاني:
أولاً: أن العالم الإسلامي يواجه تحديات كما غيره من دول العالم¡ بل قد يكون حجم هذه التحديات أكبر بكثير مما يُتوقع. وأهمية هذا القول تعني أنه يجب تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية لتتم معالجتها قبل أن تتفاقم.
ثانياً: أهمية العمل الدولي إسلامياً وعالمياً لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب. ولعل أكثرَ دول العالم تضرراً من هذه الظاهرة الدولُ الإسلامية ما يجعل تعاونها يأتي في مقدمة أولوياتها. هذا التعاون الذي يجب أن يكون اسلامياً وعالمياً يتطلب معرفة أسباب الظاهرة وطرق معالجتها والتعاون والتنسيق الأمني لمواجهتها ومكافحتها على جميع المستويات.
ثالثاً: الدعوة للتعايش السلمي بين شعوب العالم وقبول الاختلافات الثقافية. هذه الدعوة نابعة من الدين الإسلامي الذي حث على التعارف بين الشعوب بمختلف توجهاتها لأنه يؤدي لعمارة الأرض ونشر السلام بين الأمم. أما التطرف والغلو بمختلف أشكاله وتوجهاته فإنه يقود للصراعات والنزاعات التي تؤدي للفوضى والدمار التي لن يسلم منها أحد.
رابعاً: الدعوة لاحترام أسس ومبادئ القانون الدولي واحترام دول الجوار بعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام سيادتها. تطبيق هذا المبدأ يعني إقامة علاقات دولية ثنائية ومتعددة أساسها التنمية والتطوير ودعم الأمن والسلم والاستقرار¡ أما عدم تطبيقه فإنه سيؤدي لصراعات ونزاعات تدمر المجتمعات وتقود للفوضى. وإذا كان هذا المبدأ أقره القانون الدولي وأوجب تطبيقه¡ فإن تطبيقه بين الدول الإسلامية أولى وأبلغ.
خامساً: الدعوة للعمل الدولي على جميع المستويات. فحفظ الأمن والسلم والاستقرار يتطلب جهداً دولياً كبيراً بين جميع دول العالم بغض النظر عن ثقافاتها. فالتطرف والإرهاب لم ولن يفرق بين اتباع الثقافات¡ والتدخل في شؤون الدول الأخرى وعدم احترام سيادتها يؤدي لفوضى دولية تقود لمزيد من الصراعات والنزاعات وزيادة التطرف والإرهاب¡ وعدم التعاون والتنسيق الدولي يؤدي لمزيد من هدر الوقت وضياع الجهد الذي تستفيد منه التنظيمات الإرهابية ومن يرعاها ويدعمها من دول وجماعات.
ومن الأهمية القول بأن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام مجلس النواب في اندونيسيا تعتبر: 1) رسالة للعالم الإسلامي بشكل خاص بحكم أنه قائد العالم الإسلامي وخادم للحرمين الشريفين¡ وفي نفس الوقت أنها كلمة أمام برلمان أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان. 2) رسالة للعالم أجمع تؤكد بأن الدين الإسلامي يدعو للبناء والتنمية والتطوير ويدعم الأمن والسلم والاستقرار ويدعو للحوار ويسعى للتعاون الذي يحقق عمارة الأرض.
وفي الختام نقول بأن التاريخ سيسجل للمملكة العربية السعودية ولقادتها حرصهم على وحدة صف المسلمين والدفاع عن قضاياهم المشروعة والسعي لمستقبل مزدهر يعود بالنفع عليهم جميعاً.




إضغط هنا لقراءة المزيد...