"أعبر عن سعادتي بوجودي في بلدكم الصديق الذي تربطنا به علاقات تاريخية واقتصادية¡ وعن سروري لشراكة المملكة مع اليابان في إطلاق الرؤية السعودية - اليابانية 2030¡ هذه الرؤية التي سوف تعزز الشراكة الإستراتيجية بين بلدينا."
"إن الحاجة ماسة لتكثيف الجهود الدولية لحل القضايا والأزمات في منطقة الشرق الأوسط¡ بما في ذلك القضية الفلسطينية¡ وإنهاء الأزمتين السورية واليمنية¡ فلقد كان لهذه الأزمات الأثر السلبي على استقرار المنطقة وتنميتها¡ وإعاقة نمو التجارة الدولية¡ وتهديد ضمان إمدادات الطاقة لدول العالم."
"لقد أصبح الإرهاب يمثل أكبر خطر على أمن الدول والشعوب¡ ونحن شركاء أساسيون في محاربته¡ كما أننا بحاجة إلى تضافر الجهود الدولية والعمل الجاد من أجل تعميق مفاهيم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات¡ وتعزيز روح التسامح والتعايش بين الشعوب."
الفقرات السابقة جزء من كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- التي ألقاها عند بدء المباحثات الرسمية التي جمعته بدولة رئيس وزراء اليابان**شينزو آبي. لهذه الفقرات وما تضمنته دلالات مهمة كأهمية وعمق العلاقات السعودية - اليابانية¡ ومنها:
الفقرة الأولى: ركزت بشكل مباشر على العلاقات الثنائية السعودية - اليابانية. هذه العلاقات الثنائية تم وصفها بأنها علاقات تاريخية واقتصادية في مجالات متعددة¡ منها: 1) المجالات السياسية حيث إن العلاقات الثنائية تمتد لعقود ماضية سبقت إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1955م. هذه العلاقات السياسية أسست لتفاهمات بين الدولتين تقوم على الاحترام المتبادل على جميع المستويات مما ساهم بتعزيز هذه العلاقات وتوطيدها لتنتقل بعد ذلك لمجالات أخرى.. 2) المجالات الاقتصادية حيث إن الدولتين تملكان من الإمكانات الاقتصادية ما يجعل تعاونهما يخدم مصالحهما المشتركة ويساهم أيضا بتعزيز التنمية والتطور في مجتمعاتهما.
وإذا كانت هذه العلاقات التاريخية والاقتصادية وطيدة بين الدولتين¡ فإنها لن تقف عند النقطة التي وصلت لها¡ وإنما سوف تكون أكثر عمقاً في المستقبل لما فيه خدمة مصالحهما المشتركة. لذلك جاءت الإشارة إلى إطلاق الرؤية السعودية – اليابانية 2030 إيماناً من الدولتين بقدرتهما على العمل المشترك الذي يحقق تطلعات الشعبين الصديقين. وفي الوقت الذي توصف العلاقات بأنها تاريخية واقتصادية في المرحلة الحالية¡ فإن الرؤية السعودية - اليابانية 2030 ستنقل هذه العلاقات لمرحلة الشراكة الإستراتيجية. وهذا مؤشر مهم جداً له معانيه ومضامينه الكبيرة.
الفقرة الثانية: تضمنت رسالة سياسية للعالم أجمع تدعو فيها المملكة العربية السعودية المجتمع الدولي ومؤسساته الدولية للعمل من أجل دعم الأمن والسلم والاستقرار الدولي. هذه الدعوة السعودية تضمنت النقاط التي تؤدي لتحقيق تلك المبادئ خاصة في منطقة الشرق الأوسط¡ ومنها: 1) دعم الحقوق المشروعة لأبناء الشعب الفلسطيني بما في ذلك حقهم المشروع في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس طبقاً للقرارات الدولية.. 2) نصرة أبناء الشعب السوري وحمايته من ظُلم وإرهاب نظام البعث.. 3) دعم الحكومة الشرعية في دولة اليمن وحماية شعبه من الجماعات والتنظيمات الإرهابية.. 4) مطالبة المجتمع الدولي على تطبيق مبادئ القانون الدولي الذي يدعو لاحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
هذه الرسالة السياسية الموجهة للمجتمع الدولي تقول بأن أسباب الأزمات السياسية في منطقة الشرق الأوسط واضحة¡ وبأن تجاهلها سوف يؤدي إلى آثار سلبية على المجتمع الدولي وليس فقط منطقة الشرق الأوسط التي تتمتع بأهمية دولية لا يمكن اغفالها سواءً بموقعها الجغرافي أو بما تملك من ثروات طبيعية.
الفقرة الثالثة: تضمنت رسالة سياسية تدعو فيها المملكة العربية السعودية المجتمع الدولي للتعاون وتكثيف العمل لمواجهة ومكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب التي تضرر منها المجتمع الدولي بمختلف قيمه الدينية وتوجهاته السياسية. هذه الرسالة السعودية لمواجهة ومكافحة التطرف والإرهاب تقول بأن الظاهرة لا تنتمي لدين محدد أو لعرق معين أو لفئة¡ وإنما هي ظاهرة تسعى لهدم القيم الدينية وتعطيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقتل الأنفس البريئة.
ولعل أهمية هذه الرسالة السعودية تأتي من عدة نقاط¡ منها: 1) أنها تأتي من دولة تضررت من التطرف والإرهاب.. 2) أنها أول دولة دعت المجتمع الدولي للعمل المشترك لمواجهة الإرهاب ومعرفة أسبابه ومن يقف وراءه.
وبالإضافة لأهمية العمل الدولي المشترك لمواجهة الإرهاب¡ فإن المملكة العربية السعودية تبنت ودعت لمنهج الوسطية الذي من شأنه تجفيف منابع التطرف والإرهاب وتمثلت في: 1) الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.. 2) تعزيز روح التسامح والتعايش بين الشعوب. هذه الرسالة مبنية على أسس الدين الإسلامي الصحيح الذي يدعو لعمارة الأرض بمعناها الشامل.
وفي الختام من الأهمية القول بأن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لدولة اليابان تؤشر لمرحلة جديدة في العلاقات السعودية – اليابانية أساسها علاقات اقتصادية وصناعية متقدمة مبنية على أسس سياسية متينة بُنيت خلال العقود الماضية. هذه العلاقات التي ستخدم المصالح المشتركة للدولتين الكبيرتين ستعتبر نموذجاً متميزاً للعلاقات الدولية بين الدول المتحضرة.




إضغط هنا لقراءة المزيد...