تشكل زيارة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للمملكة حلقة أخرى في حلقات التواصل السعودي مع القوى الفاعلة في القرار الدولي¡ وفي ذات الوقت تأتي ضمن أجندة بريطانية جديدة ترسم خارطة الطريق للمستقبل بعد الخروج من المظلة الأوروبية.
هناك توافق في الكثير من وجهات النظر بين البلدين حيال العديد من القضايا الدولية والإقليمية يعززه الفهم البريطاني لطبيعة المنطقة وإنسانها¡ وهو ما يختصر الكثير من الزمن عند أي حوار بريطاني - عربي¡ والحال نفسه ينطبق على العرب الذين يعرفون العقلية البريطانية والبراغماتية السياسية التي تنتهجها القوة العظمى الأكثر تأثيراً في تاريخ منطقتهم.
العامل المتغير الذي يطرأ على المعادلة الثابتة في طبيعة العلاقات السعودية - البريطانية هو الظرف الزمني¡ وهو المهم لكلا الطرفين¡ فالمملكة حالياً تقود تحالفاً عربياً لدعم الشرعية في اليمن¡ وآخر إسلامياً ضد الإرهاب¡ وتواجه بكل حزم التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية¡ إضافة إلى قيادتها للمجموعة الفاعلة على المستوى العربي في مواجهة الأزمات والأخطار المحدقة بالأمة¡ وعلى رأسها الملف السوري.
وفي الجانب البريطاني¡ تسعى لندن إلى حوار سياسي متواصل مع الدول المحورية في الشرق الأوسط¡ وأهمها المملكة بثقلها السياسي والاقتصادي والعسكري¡ إضافة إلى الرغبة البريطانية في خلق شراكات إستراتيجية على الصعيد الاقتصادي في مرحلة ما بعد الاتحاد الأوروبي التي تتزامن مع انطلاق برنامج التحول الوطني السعودي 2020 ورؤية المملكة 2030.
كما يشترك البلدان في حرب مستمرة على الإرهاب¡ ويسعيان إلى تعاون أوثق في مجال مكافحته وتجفيف منابعه¡ وهو الأمر الذي أكدت عليه رئيس الوزراء البريطانية التي اعتبرت المملكة حليفاً مهماً في مكافحة الإرهاب¡ مثمنة الدور السعودي في إنقاذ حياة مئات البريطانيين من خلال تعاون أمني واستخباراتي في الفترة الماضية.
التعاون السعودي - البريطاني تاريخي¡ والمناخ الحالي يمثل فرصة للانطلاق في فضاءات أوسع تشكل المصالح المشتركة معالمها¡ وقد تكون الزيارة الحالية لسيدة 10 داونينغ ستريت خطوة في هذا الاتجاه الذي يصب في نهاية الأمر في مصلحة بلدين شكلت الصداقة المبنية على الاحترام أساسها.
إضغط هنا لقراءة المزيد...