جسدت المرأة العربية منذ القدم ارتباطها وحاجتها للرجل فكان محل الفخر والاعتزاز به عندما ينتصر لها وفي موقع الألم والحزن عندما تفقده ومن خلال قصائد الفخر وقصائد الرثاء التي نظمتها المرأة يتضح مدى ارتباطها القوي بالرجل وهي بذلك تمثل التوأمة مع الرجل في كافة المواقف وخصوصاً عندما تكون في مواجهة مع الخطر تظهر حاجتها للرجل لذا كانت مصدر العبارات المحفزة للقوة والثورة في وجه العدو. والمتتبع لشعر المرأة يجد أنها متفاخرة بالرجل بمصداقية عالية عندما يكون في موقع الأخ والأب والابن والزوج ومن شواهد ذلك ما قالته الخنساء في أخيها صخر:
وإن صخراً لتأتم الهداة به
كأنه علم في رأسه نار
والمرأة أشد وفاء للرجل وأكثر حرصاً عليه وهذا يرجع إلى أن المرأة تعلم أن مصيرها واستقرارها الاجتماعي والاقتصادي والعاطفي مرتبط بحياة الرجل¡ أو أن المرأة ذات عواطف رقيقة وأحاسيس مرهفة¡ فعندما تهزها اللوعة في فقدان عزيز ينفرط كل ما في قلبها من آهات وتأوهات¡ وإذا كان لديها حس شاعري فإن ذلك الحزن يتحول بالتأكيد إلى تعبير صادق يصور ملحمة الحزن الشديد الذي انتابها تقول إحدى الشاعرات ترثي زوجها:
ليت اللحد صدري ولو فوقه تراب
وليت الجسد قبرك وابي الناس يدرون
وعندما ننتقل إلى جانب الرجل نجده في بعض الحالات الأقل إبداءً لعواطفه نحو زوجته عندما يفقدها¡ فهل يرجع ذلك إلى أنها لم تمتزج بنفسه امتزاجاً بجعله يحس بمرارة الفقد والحرمان¡ أم أنه كان دائماً يجمع بين عدد من الزوجات¡ فشعوره وإحساسه منقسم هنا وهناك¡ أم أنه يشعر في معظم الأحوال أن المرأة لا تدانيه تفكيرًا ولا معرفة¡ فلذلك لا يجد مرارة في حزنه عليها¡ ولوعة تدعوه إلى رثائها¡ والبكاء عليها¡ أم أن هناك تقاليداً للمجتمع تمنعه أن يرثيها¡ ويظهر ضعفه أمامها وهي مفقودة¡ وهناك من جسد الفقد وقدم صورة شعرية لواقعه في فقد الزوجة يقول جرير:
لولا الحياء لهاجني استعبار
ولزرت قبرك والحبيب يزار
ولـقد نـظرت وما تمتع نظرةٍ
فـي اللحد حيث تمكن المِحفارُ




إضغط هنا لقراءة المزيد...