الإعلام الدولي عادة يجهز قوالب وقوائم, يستقبل منها وعبرها المعلومة الموثقة, وما وقع خارج هذه القوالب فهو لا يراه وعاجز عن استقباله.
الحديث عن مناطق آمنة على الحدود السورية تستوعب اللاجئين, يعيد بقوة إلى الواجهة الملف المأساوي للاجئين, وصول عدد اللاجئين السوريين إلى 5 ملايين لاجىء حول العالم
ولأن السوريين في المملكة ليسوا مسجلين دولياً كلاجئين, تشرف عليهم المفوضية العليا, ليس فقط أصبحوا غير مرئيين للإعلام العالمي والمنظمات الإغاثية, بل اعتبروا هذا تخلياً عن المسؤولية من دول الخليج عامة, ومن المملكة خاصة!¿
رغم الحضور السعودي الكبير في المخيمات الأردنية واللبنانية, إغاثياً واقتصادياً, كأكبر مقدم للمساعدات الإنسانية على مستوى العالم بحسب تصريحات الأمم المتحدة نفسها.
الإعلام الدولي لا يوجد في خلفية ذاكرته, إن الدروب بين شمال الجزيرة وجنوبها مألوفة مطروقة, لها عمر (لُبد) ذهاباً واياباً ما بين العرب العاربة والمستعربة, والسوريون الذين قدموا للمملكة بسبب فوضى الأحداث الآن يمتلكون إقامة نظامية, خارج عزلة غيتوهات العذاب, والمخيمات المهينة التي تكون عادة للاجئين.
ولم يمر السوري في المملكة بأسلاك شائكة, ولم نوظفهم جزءاً من اللعبة السياسية والأوراق التفاوضية¡ ففي تركيا والتي تضم جزءاً كبيراً منهم, أصبحت ورقة اللاجئين السوريين جزءاً من المفاوضات التركية الرامية إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي, كما أن الدول الداعمة تمنح تركيا كل عام ما يقارب 6 مليارات دولار كمساعدات ومعونات خاصة بهم.
بينما سيذهب لبنان قريباً إلى بروكسل, وقد قرع نواقيس الخطر, من خشية قيام عنف مجتمعي ضد اللاجئين, وقد وجدته الحكومة هناك مدخلاً جيداً تستثمره, لإصلاح بنيتها التحتية عبر منحات الداعمين, بحجة استيعاب اللاجئين!
وإن كانت الدول الأوروبية وكندا والولايات المتحدة, تخوض صراعاً داخلياً كبيراً في قضايا اللاجئين بين اليمين المتطرف الحذر, واليسار المستجيب لعملية توطين اللاجئ السوري.
فإن وحدة اللغة وتقارب النسيج الاجتماعي مع السوريين في المملكة, جعلها تتجاوز هذه العقبات كلها, فالإقامة نظامية, وأيضاً هناك نظام لم الشمل, يسر وسهل انخراطهم في الدورة الاقتصادية, لا سيما مع توفر التعليم العام والجامعي مع الرعاية الصحية لهم. ورغم أن المملكة لديها مشكلة حقيقية مع غير النظاميين الذين يسببون ضغوطاً على بنيتها التحتية ونظامها الأمني, إلا أن المصادر الإعلامية المحلية تشير إلى عدم ترحيل أي لاجىء سوري حتى غير النظامي منهم, شأنها في هذا شأن ما قامت به مع إخواننا اليمنيين.
وجميع ما سبق ليس من باب الفضل والمنة, بل هو واجب المملكة تجاه المأساة الإنسانية المفجعة والتي دخلت عامها السابع في مارس الماضي, تقدمه كأحد الأدوار الروحية المناطة بها, المرفقة بثقلها الإستراتيجي في المنطقة.
لنجد في النهاية أن الإعلام الدولي سيظل أسيراً أبدياً لقوائمه وقوالبه, يقابل هذا التجاهل إحجام إعلامنا الخارجي عن إدارة هذا الملف بحرفية, والترويج لواجهة دولية تبرز حماية أخواننا السوريين من غيتوهات التشرد وخيام العذاب, عبر مظلة العزة وكرامة الإقامة النظامية.. فهو (مقيم/ ليس لاجئاً).
إضغط هنا لقراءة المزيد...