ذكر عباس محمود العقاد في مقالة له أن أصل حكمتي (يا ليل يا عين) التي تترد في الأغاني القديمه لها قصة.
وتحكي القصة أن رجلا اسمه (ليل) ضرب حبيبته على عينها ذات مرة وهرب¡ ولكون الحبيبة تحب (ليل) هذا حبا جما.. فقد استمرت في مناداته.. وذهبت ترنيمة معروفة تأخذ أكثر من نصف ساعة في بعض أغاني السهرة المصرية عبدالمطلب وأم كلثوم.
وقالوا أيضا إن أصل الكلمتين مجتمعتين هو عبارة فرعونية وترجمتها (أيها الطريق الطويل) وليس لهما صلة في تعاقب الليل والنهار أو في العين التي يرى بواسطتها الإنسان.
ألا تلاحظون اختفاء الكلمتين من الأغاني الشبابية المعاصرة¿
كذلك فقد اختفت من مداخيل قصائدنا الشعبية في نجد بعض العبارات التي يستعملها الشاعر في الماضي كمدخل¡ مثل وصف الراحلة¡ وترك الغرض الرئيسي لأبيات لاحقة¡ خذوا هذا الشطر:
راكب فوق حرً يذعره ظلَه (ناقه سريعة الجري¡ حتى كأنها تخاف من ظلها).
راكب فوق حر زاهي دله (مدلّـله¡ وكاملة التجهيز).
مرحبا¡ حي من كز البشير.
فوق حمرا¡ تسوج حبالها.
"عرضة" ترحب بالمرسل الذي اختار له مندوبا وجهزه بهذا النوع من الـ"لوجستيك" أي عملية النقل والإيواء التي صار العالم الآن ينظر إليها على أنها جزء مهم من أي حركة عسكرية أو مدنية.
قال الـ"بشير" هو المبشر بالنصر ولكن الأهم من ذلك كان وسيلة نقله "حمرا" أي ناقلة حمراء.
ولو ترجمت هذه الأبيات اللوجستية لصالح مجلة "جين" التي تهتم بشؤون الدفاع والتسليح لعينوني مراسلا لهم دون تردد..!
واستمر مدح وسيلة النقل في مطلع القصيد مثل:
ياراكب اللي تو طبلونه أصفار.
ياراكب زينة المرواح.
مكينته وارد العام.
فالمسألة في قصائدنا وأغانينا القديمة كانت تحن إلى سرعة إيصال شيء¡ والأمور الأخرى تأتي لاحقا.
وأعتقد أن شعرنا الشعبي لن يواجه أزمة حادة في البحث عن مطلع¡ أو مدخل فـ"الفاكس" و"عرب سات" والـ"انترنت" ستقوم بدور"الحمراء" التي كان يركبها المرسول.
ومر زمن كان سائقو سيارات الطرق السريعة (قبل السفلتة) يفضلون اللون الأحمر (دوجٍ حمَرْ والرفارف سود)¡ وحتى الآن لا يعرف أحد لماذا.. حتى أن سعر اللون يختلف.
إضغط هنا لقراءة المزيد...