توجد عبارة نمطية في المراسلات العائلية القديمة وهي: خطكم الشريف وصل. العبارة تأتي مباشرة بعد السلام¡ وهي ضمن ديباجة الرسائل التي تعلمناها في الصغر. نحفظ المقدمة عن ظهر قلب. ونستثمر تلك الكفاءة! في كتابة الرسائل لكبار وكبيرات السن من أهل مدينتنا. لقاء مكافأة غير مسماة ولا معلومة¡ وربما كانت قرصين أو أكثر من (الكليجا)¡ "شغل البيت".
وبداية خطكم الشريف وصل وإن لم يكن لها ضرورة – جزء من الرسالة نُدرجها كما يفعل الحاسوب الآن.
سوف تتفقون معي أن كثرة الرسائل التي كانت تُرسلها العمالة الوافدة قلّت الآن بشكل مُلاحظ¡ وحتما هذا بسبب الوسائل الأسرع من هواتف نقالة أو بريد إليكتروني.
يقول أحد معارفي إن عاملته تتلقى رسائل كثيرة بواسطة صندوق بريده¡ ولاحظ أن تلك الرسائل مُرقّمة بالتسلسل على أعلى الظرف! – والترقيم بخط اليد¡ مما يدل على أن كاتب أو كاتبة الرسالة نفس الشخص. ولم يعرف صاحبي لماذا لكنه يظن أن الموضوع له صلة بإحصاء الرسائل بين الراسل والمرسل إليه. وهل افتقد شيئا منها.
المقيمون من آسيا يستلمون رسائل بريدية ورقية أكثر من غيرهم¡ ولعل درجة التحكم بالغربة لها دور في الطمع بمعرفة أخبار الأسرة والجيران. وتترك الرسالة فرحة في وجه المستقبِل. ثم ما يلبث أن يستعد لكتابة رسالة جوابية.
ومن العبارات التي كنا نحفظها ونحن صغار عبارة "موجب الخط إبلاغ السلام" أو: "ولا تغفلون عنا بالمكاتبة.. ترى المكاتبة نصف المشاهدة".
ومرّ زمن كانت منطقة الغرابي بالرياض ساحة لاستلام وتسلّيم الرسائل. فقد كانت السيارات تنطلق من هناك إلى مناطق أخرى في المملكة. وما على صاحب الرسالة إلاّ أن "يتوسّم الخير" في وجه أحد الركاب الذاهبين إلى حيث يود صاحب الرسالة إرسالها¡ ويُسلّمها إليه. ويُكمّل المسافر معروفه.
ومازالت عملية التوزيع عندنا ضعيفة¡ ربما بعد محاولة سعودة المرفق. فقد أردتُ أن اختبر البريد الوطني وخدمة واصل¡ لأنني دفعت تكاليفها. فوجهتُ لعنواني الوطني رسالة وأخرى إلى صندوق بريدي المُؤهل لخدمة "واصل" أقول الحقيقة: مضى على هاتين الرسالتين عشرون يوما ولم تصل.
والارتياح التام لعملية التوطين موجود ووارد. لكنها لا يجب أن تخل بعملية ترتبط بأهداف أكبر¡ خاصة في ظل عصر السرعة.




إضغط هنا لقراءة المزيد...