لا أحد يعرف مقدار معاناة الأجيال السابقة للحصول على الكتاب حديث الصدور¡ فقبل قرابة الربع قرن¡ كان أغلب هواة القراءة عندما يسافرون لخارج المملكة يعودون محملين بكراتين وحقائب مملوءة بالكتب.
وكانت بعض الكتب يتداولها عدد من القراء¡ وهنالك قائمة انتظار - ليس للمبالغة - ربما السبب الرئيس أن المكتبات التجارية لا تهتم بالكتب الحديثة¡ وحتى لا أعمم أنا أتحدث عن الكتب الأدبية وتحديداً الأعمال الإبداعية العربية والعالمية¡ حيث كان الحصول على الكتاب الجديد حال صدوره ليس أمراً هيناً¡ أقول ذلك وأنا أكتب هذه الزاوية في الفندق الملاصق لمعرض أبوظبي للكتاب.
الأمر مختلف تماماً عن زمن الطيبين¡ أغلب الكتب متوفرة في بعض المكتبات التجارية في أغلب مدن المملكة¡ لذا من المؤكد أن زيارتنا للمعرض هو البحث عن الإصدار الجديد فعلاً .
ربما فقدنا لذة اقتناء الكتاب¡ لأن أي كتاب يصدر نستطيع الحصول على نسخة منه تصل إلى المكان الذي نعيش به بعد طلبه بمدة قد لا تتجاوز الأسبوع¡ وذلك عبر الشبكة العنكبوتية¡ فهنالك مواقع كثيرة وكبيرة ومعروفة للجميع تكون وسيطا للحصول على الكتاب¡ بأجرة شحن رمزية¡ وبسعر تشجيعي للكتاب.
الآن نشاهد مئات الكتب الإبداعية التي تصدرها دور النشر العربية¡ ونرى ظاهرة استسهال النشر بالذات من قبل الجيل الجديد¡ تلك الكتب لا تصل لكل القراء وربما لا يتداولها إلا من له علاقة بالكاتب أو الكاتبة¡ أو الوصول إلى شريحة كبيرة من المتابعين عبر وسائل الإعلام الجديد¡ ومن وجهة نظري أن هؤلاء ليسوا قراء حقيقيين¡ بل منهم من يقتني الكتاب ولا يقرأه.
لذا انتهى زمن شد الرحال للحصول على كتاب أو اكتساب علم بسبب التقنية الحديثة التي جعلت المعرفة متاحة بسهولة للجميع¡ وأنا لم أتطرق للحديث عن النشر الإلكتروني¡ وبالطبع هنالك آلاف الكتب بل مئات الآلاف من الكتب الإلكترونية متاحة عبر الشبكة العنكبوتية.
لذا من يريد أي كتاب سيحصل عليه بسهولة¡ ورقياً أو إلكترونياً¡ التحدي الآن للكتّاب¡ الكاتب الجيد هو من يكون له عدد كبير من القراء¡ ولا أقول من المتابعين¡ فأنا أرى أن قارئا متمكنا ومحبا للكتاب ومتواصلا مع العمل المكتوب أفضل من ألف متابع يقتني ولا يقرأ.
إضغط هنا لقراءة المزيد...