سمعتُ¡ بل تأكدتُ لاحقا¡ عن رجل ذهب إلى الصحراء خارج بلدته ليبحث عن جمل افتقده¡ في يوم قائض. وافتقد الرجل ثم وُجد ميتا وقد حاول النجاة من حرارة الرمل بربط رجليه في شماغه.
وقرأتُ أن الباحثين وجدوا دلائل على انقراض كائنات معروفة بسبب التغيرات التي طرأتْ على مناخ الكوكب. التغيرات لم تكن مفاجئة إنما استمر الإنسان في التعايش معها وتقبّلها¡ مع عدم قدرته على المواءمة¡ وكانت النتيجة الانقراض.
والهوة تتزايد في عالمنا المعاصر¡ ويستحيل تجاهل التغيرات المتعاظمة في حياة الإنسان. لكن الكائن سواء كان إنسانا أو حيوانا وراء لقمة العيش وحب البقاء يقبل المتغيرات التدريجية لبرهة من الزمن ثم يجد نفسه وقد تحجّر وقبل الواقع أو مات.
مثل تلك التغيّرات في عالم التجارة والأسواق والذوق وسلوك الصرف والاقتناء¡ فما دام يأتي تدريجيا فنحن لا نحس بعنفه ولا بعذابه. نتعوّد عليه حتى نقبله وهو ينخر جسدنا المالي والحياتي.
ولو جاء التغيير مُفاجئا (في الأسعار مثلا) أو بطريقة دراماتيكية لأزعجنا¡ وربما بذلنا جهدا لرفضه¡ لكن التغير التدريجي للبشرية مثل الذي يلقى حتفه بالتسمم بالكاربون الناتج عن الفحم.
وأظن أنهم أرادوا التأكد من تلك الفكرة فجاؤوا بضفدعة ووضعوها في ماء مغلي فقفزت خارج الإناء من المفاجأة. لكنهم في التجربة القادمة وضعوا الضفدعة في ماء بارد¡ ووضعوا الإناء على لهب ضعيف الحرارة وتقبّلت المسكينة الحرارة التدريجية حتى انسلقت.
في بعض بقاع العالم لم يعد الزلزال يثير الفزع¡ ولم يعد هناك ضرورة لاستنفار جهود الإنقاذ¡ فهم إما تعودوا عليه أو صمموا طريقة إنشائية جعلت الإنسان يرى العمارة أمامه تهتز وهو يتناول غداءه في الشرفة المقابلة.
الذين نسمع عنهم أنهم اندفنوا في الجليد وهم يمارسون رياضة التزلج¡ مثل ذلك الرجل الذي مات ظمأ وهو يبحث عن بعيره¡ الاثنان لديهما حاسة التعوّد والتي تخدع في كثير من الأحيان.
عند بدء الثورة الصناعية وبدء التغيرات في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية (1750 - 1850) وبدء الإنتاج الآلي الكبير فكر المصلحون بردم الهوة المتعاظمة بين فاحشي الثراء ومدقعي الفقر¡ وكان ذاك مجرد هاجس اجتماعي لإعادة تشكيل حياة الناس. ثم تعوّد البشر على وجود تلك الفجوة في كل شيء¡ في المال والفُرص والعلاج. ومع ذلك قبلها مثل الضفدع.




إضغط هنا لقراءة المزيد...