في الستينيات الميلادية أنعمت الملكة البريطانية بلقب "فارس" على أعضاء فرقة البيتلز - الذائعة الصيت في ذلك الوقت. ورأى من رشحهم لهذا الإنعام الملكي أن العملة الصعبة التي دخلت إلى أرصدة شركات الإنتاج الفني في بريطانيا تفوق بكثير أرباح الـ "جويت فينتشر" أو الشركات التي تدخل مع بعضها البعض بسبب حجم المشروعات وضخامتها.
وكتب هؤلاء الفائزون بالإنعام الملكي مذكرات وسيرا شخصية دخلت إلى مكتبة كل مراهق ومراهقة لا في الجزيرة البريطانية وحدها¡ بل وعلى الجانب الآخر من الأطلسي - أميركا وكندا.
وعندما تكتب الراقصة الفلانية قصة حياتها تتلقفها الصحافة اليومية والأسبوعية والمجلات الفنية قبل النشر وتسلسلها في حلقات تقف عند موقف الإثارة لكي يتطلع القارئ إلى العدد القادم بشغف وشوق وهيام.
أدب السير الشخصية اختلط حابله بنابله وغثه بسمينه.
ولا أجد من حقي أو حق أي إنسان أن يبخس الناس أشياءهم وقد يرى قارئ ما لا يرى الآخر¡ ويستعذب هذا ما نفر منه ذاك¡ ومن حق كل معط أن يسجل عطاءه وسيجد القابل والرافض والمحب والكاره.
وسبق لي أن تلقيتُ رسالة من الصديق المرحوم الشاعر السوري سليمان العيسى (أكثر من عشرين مطبوعا) وقال إنه طبع سيرته الذاتية "على طريق العمر" 520 صفحة من القطع الكبير. ورافق صدورها صدور أعماله الشعرية في أربعة مجلدات وبطبعات أنيقة.
وعدد كبير من القراء -وأنا منهم- يحب قراءة سير حياة الشعراء وما ضمته من قصص الفصاحة والبلاغة والمعاناة والرهافة والخصب.
وعندما أقرأ شعر سليمان أو رسائل سليمان الشخصية أشعر أن اللغة العربية الجيدة¡ والقوافي المتناغمة لم تروضها الحواجز والحدود المنضوية¡ بل إنها انطلقت إلى رحاب الأمة العربية شرقا وغربا وحتى المهاجر.
وفي الشعر -وبالذات قديما وحديثا- تنمحي من الخارطة التجزئة الأدبية وتختفي القطرية وهو (أي الشعر) الذي بقي بعيدا عن هموم التجزئة وخرائط الحدود.
والرصافي والجواهري والسياب والأخطل الصغير والزهاوي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وجبران وإيليا وغيرهم كانوا معشوقين لكل عربي محب للشعر.
والمسألة الآن مطروحة وتقع على عاتق وزارات الثقافة والإعلام وجمعيات الثقافة والفنون والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم للمبادرة في طرح برامج تكريم المبدعين وذوي العطاءات الجمالية وشراء طبعات من نتاجهم.
إن فناني الرقص وأبطال الأشرطة الصوتية والرياضيين لا يعانون من نقص الاعتراف ونقص الرصيد المالي أيضا وعضويتهم في المجتمع الذي يعيشون فيه بخير إن شاء الله وتتنامى كل يوم.
شعراء العروبة يعانون من الضغوط الاجتماعية رغم أنهم لا يعيرونها اهتماما كبيرا فرسالتهم الكلمة ومنح الفرح الجميل وإضاءة حياتنا.




إضغط هنا لقراءة المزيد...