وجه الملك سلمان —حفظه الله— المسؤولين بتفقد قطاعاتهم في المناطق من خلال زيارات ميدانية ورفع تقارير مفصلة عن هذه الزيارات. ويأتي هذا التوجيه تأكيدا على منهج الدولة في تقريب المسؤول من واقع العمل اليومي من خلال فتح الأبواب والتواصل المباشر. لكن لهذا التوجيه جانب آخر يستحق الذكر فيما يخص رؤية 2030 وعلاقتها بالخدمات.
تمثل رؤية 2030 والبرامج التابعة لها استراتيجية وطنية شاملة للتنمية¡ وكأي استراتيجية فإنها تخضع للمراجعة وإعادة الهيكلة حسب الحاجة. لكن عند النظر إلى الدولة باعتبارها منظومة كبرى لتنفيذ السياسات العامة¡ فإن هذه المنظومة تعتني بجانبين مهمين¡ الأول هو جانب التنمية وتطوير المؤسسة¡ والجانب الآخر هو العمليات اليومية¡ أو ما يعرف بتسيير الأعمال¡ وهو ما أشار إليه التوجيه الكريم. وحسب المفهوم الحديث التي تتبناه الرؤية¡ فإن لأي مؤسسة أو منظومة ثلاثة مكونات أساسية¡ يجب على قائد المؤسسة أن يقسم اهتمامه بينها بالتساوي. المكون الأول هو استراتيجية المؤسسة¡ وهو ما تمثله اليوم الرؤية من ركائز وأهداف استراتيجية. المكون الثاني¡ هو المبادرات والمشروعات المتفرعة منها¡ وهي ما تمثله برامج الرؤية مثل برنامج التحول 2020¡ النسخة الأولى والثانية. المكون الثالث¡ هو العمليات المؤسسية¡ التي منها الأعمال التنفيذية اليومية مثل إصدار الصكوك وصرف المستحقات¡ وما إلى ذلك. ولتحقق المؤسسة أهدافها¡ لابد من المحافظة على التوازن بين المكونات الثلاثة¡ خصوصا بين العمليات والمشروعات. فالعمليات والمشروعات تمثلان أجنحة المؤسسة والاستراتيجية رأسها. والعلاقة بين العمليات والمشروعات تبادلية¡ فتحتاج المشروعات إلى عمليات فعالة في التخطيط والمراقبة والتنفيذ¡ وقد تحتاج العمليات إلى مبادرات في هيئة مشاريع لتحسين جودتها.
إن دور الاستراتيجية هو رسم تصور لحالة مستقبلية تحتاج إلى عمل إضافي لتحقيقها. ومع البدء في تنفيذ الاستراتيجية من خلال مبادرات تحولية تساهم في نقل المؤسسة إلى واقع جديد¡ على المؤسسة في الوقت نفسه مواصلة تنفيذ أعمالها الاعتيادية. ما تعاني منه مؤسسات الدولة اليوم¡ وإن بدرجات متفاوتة¡ هو القدرة على إحداث توازن بين العمليات التنفيذية والمبادرات. ومكمن التحدي هو حاجة هذه المؤسسات إلى رفع قدراتها التنفيذية لإنجاح مشاريعها الاستراتيجية¡ ولكن لرفع قدراتها التنفيذية فإنها بحاجة إلى مشاريع تحولية. هكذا تدخل المؤسسة في حلقة متصلة ليس لها بداية أو نهاية. ومع وجود هذا التحدي في كل مؤسساتنا إلا أن عليها مواصلة عملها التنفيذي المعتاد مع إيجاد وسائل لرفع كفاءته. من أجل ذلك¡ أرى أن التوجيه الكريم لمس جانباً مهماً يجب أن يلتفت إليه¡ وهو إيجاد وسائل لرفع القدرات التنفيذية للعمليات في كل مؤسسة. الناس تتطلع إلى التمتع بالخدمات الجديدة التي تعد بها الرؤية في المستقبل¡ لكنها تريد تحسين الخدمات التي تنفذ اليوم أيضا.




http://www.alriyadh.com/1641363]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]