سمعت قبل سنوات أن اليابان كانت ترسل طلبتها إلى مصر في بعثات علمية. هذه المعلومة لم تكن ذات أهمية بالنسبة لي في حينها. هذا النوع من الأخبار يدخل إما في باب جلد الذات أو أخبار المؤانسة والامتاع وكلاهما بلا قيمة. نسيت المعلومة مدة طويلة إلى أن قرأتها يوم أمس الأول في تغريدة لأحد أساطين نظرية المؤامرة الكبار. هذه الأقاويل لا تتعدى قيمتها قيمة الأخبار المثيرة التي تأتي في إطار موعظة بسيطة أو في مجلس تجوبه حكايات الجن والأحداث الخارقة المنسوبة للماضي. ولكن لماذا أعادها أحد زعماء نظرية المؤامرة والمحسوب على الإخوان.
هل أرسلت اليابان بعثة لتلقي العلم (الدراسة) في مصر في أي زمن من الأزمنة¿ تسمع هذه المعلومة مرات كثيرة دون أن يشير رواتها المتعددون إلى مصدرها.
المؤكد أن مصر كانت أكثر تقدماً من اليابان في منتصف القرن التاسع عشر. لكن لم يكن هذا التقدم كافياً لدفع اليابان إلى تسيير بعثات علمية إلى مصر. لا يمكن مقارنة مصر بالدول الأوروبية أو أميركا التي اختارتها اليابان في ذلك الزمن لتلقي العلم. أرسلت اليابان بعثات كثيرة إلى أميركا وألمانيا وفرنسا ولكن ليس لمصر.
في العام 1862 قام وفد ياباني (بعثة) بجولة على عدد من دول العالم في الشرق والغرب بينها مصر. أو بعبارة أدق الطريق إلى هذه الدول كان يمر بمصر. هدف هذه البعثة جمع الحقائق عن المستوى الحضاري في تلك الدول.
قرأت في أحد المواقع نقلاً عن مجلة اللطائف المصورة (مجلة مصرية قديمة) أن البعثة اليابانية كانت في طريقها إلى أوروبا. أثناء الزيارة قامت البعثة بجولة على عدة أماكن ومزارات وآثار إسلامية ومصرية قديمة. عبر الوفد الياباني كما تقول المجلة عن إعجابه بالتقدم الحضاري الذي تشهده مصر آنذاك. تحدثوا كما تقول المجلة عن القطارات والتلغراف والحمامات وغيرها من أسباب التقدم التي لم تكن اليابان تعرفها حينها.
استفادت روح الحكواتية من استخدام كلمة بعثة التي تعني في قاموسنا في العصر الحاضر الدراسة لتصوير الوفد على أنه مجموعة من الطلبة المبتعثين. هذا التحوير لدلالة الكلمة وافق رغبة أصيلة عند عدد من التوجهات الثقافية وأصحاب نظرية المؤامرة أو البكائين ومن تميل روحه إلى الحكايات الخارقة والقصص المثيرة للتحسر.
تتملكني شكوك أن الإخوان المسلمين لعبوا دوراً كبيراً في تسويق هذه المعلومة لتقديم دليل على النتائج الكارثية التي سببها عبدالناصر بعد أن استولى على مقاليد الحكم في البلاد المصرية.




http://www.alriyadh.com/1658436]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]