الحياد في الإعلام عملية نسبية¡ ولا يوجد إعلام محايد مطلقاً حتى في الدول الديموقراطية¡ وتبعاً لذلك تكون الموضوعية والمصداقية بذات الدرجة من النسبية¡ والشواهد كثيرة¡ خاصة عند وقوع الأحداث والأزمات الطارئة للدول¡ ويكفي مقولة ونسون تشرشل: «الحقيقة في بعض الأحيان تكون قيّمة إلى حد أنها بحاجة إلى حرس من الأكاذيب»¡ والمقولة الشهيرة لمستشارة الأمن القومي الأميركي وقتها كونداليزا رايس للإعلاميين بعد هجمات سبتمبر: «أميركا أولاً»¡ وهي إشارة إلى أن حرية الرأي والتعبير تحولت من البند الأول في الدستور الأميركي إلى شعار لا يمكن تطبيقه¡ وهذا في أميركا سيدة الحرية والديموقراطية تتنصل من أهم مبادئها حين يكون الخطر على تماس من أمن وسيادة البلاد.
نحن في السعودية نواجه إعلاماً مضاداً يريد أن يشوه الحقائق¡ ويلّونها¡ ويثير معها أزمات في الداخل¡ وأخرى على صعيد التحرك السعودي في الخارج¡ ويجرّب كل شيء في سبيل إثارة الصف الواحد¡ والتشكيك في قدراتنا للنهوض¡ وتدخل فيما لا يعنيه من قضايا وقرارات ليس له علاقة بها¡ ومع ذلك كان الوعي الشعبي حائط الصد الذي منع كل محاولات الاختراق أن تصل إلى أهدافها¡ ووقفت الحكومة بالمرصاد في مواجهة تلك الحملات بالرد عليها عملياً من دون أن تتواجه معهاº لأنها لا تستحق من جانب¡ ومن جانب آخر لا يمكن أن نضيع وقتاً في النزول إلى مستويات لا تليق بحجم ومكانة المملكة.
«السعودية أولاً» أصبح مبدأ اتفق عليه السعوديون في مواجهة مشروعات سياسية وإعلامية تحاول النيل من دولتهم ومجتمعهم¡ وحالة وعي غير مسبوقة في التعاطي مع كل ما يثار على أساس أن الوطن خط أحمر في أمنه واستقرارهº فمهما كانت الآراء بين حالتي اتفاق أو اختلاف لعمل السلطة التنفيذية وتوجهاتها¡ إلاّ أن ذلك لا يقلل أبداً من أن تبقى السعودية أولاً في خطابنا¡ ورؤيتنا¡ ومصالحنا كذلك.
هذا المبدأ يمثل عمق الوحدة الوطنية ليس في التعبير عنها¡ أو الإفصاح عن كل ما له علاقة فيها¡ ولكن أيضاً تحول إلى مشروع تصدٍ في تعرية كل من يحاول أن يتسلل إلى خارطة وعينا الوطني¡ ويكفي أن حسابات وهمية في شبكات التواصل الاجتماعي عجزت بل فشلت في الوصول إلى ما كانت تحلم فيه¡ أو تعد وتمني نفسها في تحقيقه¡ وأكثر من ذلك دول راهنت على مشروعات طائفية وحزبية وسقطت أمام عواصف الحزم التي أعادتها إلى حجمها.
نحن لا نحرس الحقيقة بالأكاذيب¡ ولكن نحرس وطناً ممن يحاول أن ينال منه¡ وندفع الثمن ليس كلاماً ننحاز فيه¡ ولكن أرواحاً تريد أن تفنى ويبقى الوطن عزيزاً.
http://www.alriyadh.com/1664185]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]