أتأمل الإنسان من خلال المعراج الصوفي لروحه¡ حيث تنتصر الأنا المحبة السمحة على كل كراهية وبغضاء¡ وكلما تقدم الإنسان نحو الحضارة¡ وخالط أجناساً مختلفة من البشر¡ اتَّسعت آفاق رؤيته¡ وتتعدَّدت الصور والمفاهيم التي ترِد عليه¡ مما يُحدِث تعدُّدًا في الأحكام التي يصدرها. فالبشر يغلب عليهم طابع الاختلاف¡ فنحن نشترك في صياغة قيمنا وعاداتنا وأهدافنا وتوجهاتنا¡ وميزة الاختلاف ترشدنا إلى ضفة الآخر¡ حيث تتسم بحيوية تنفض عنا غبار التمركز حول الذات والمكرّس للأنا¡ فلا أحد منا نحن البشر إلا وله تاريخ نعرفه من خلاله¡ فنحن لا نعيش دون الآخر¡ ولا نستطعم لذة الحياة إلا بالاندماج والتفاعل¡ لذلك نسعى دائماً للتعرف على الآخر وبذلك نكتسب تجربة مضافة إلى حياتنا¡ فلا بد أن ننعتق من التسييج بحمد النوع الواحد والقبيلة الواحدة واللون الواحد¡ والتخلص من الخوف من الآخرين وسيطرتهم¡ ونعيد تنظيم بنية التعامل مع بعض فنقبض على ملامح بشريتنا بكل ود. «أقبل الاختلاف عنك¡ ولكن اختلافي عنك لا يعني اختلافي معك « (أيمن العتوم).
إن قبول الآخر كما هو دون تنقيح أو تفسير دلالة على العيش¡ وعلى الرغبة في الصلات الإنسانية الصحية والروابط الخاصة بذلك¡ فجميعنا نتعرض لمشكلات وأزمات بشأن الهوية الخاصة بنا¡ وبنفس الاحتياج والجوع العاطفي للآخر¡ لذلك كان لزاماً علينا الاحتفال بإنسانيتنا والعيش دون قيود أيديولوجية ومسلمات وقوالب صنعتها عقول رافضة لثقافة التعايش مع الآخر¡ إذن: لماذا لا ندع عصافير القلب تغني كل أغنيات السلام التي مرت بنا منذ طفولتنا¡ لماذا لا نرتل اعترافاتنا لأنفسنا بأخطائنا وضعفنا وهشاشتنا¡ ألسنا بشر ويعترينا في خط مسيرتنا الإنسانية الكثير من المواقف الصادمة والمحزنة والقليل من الفرح .! لقد أرهقنا العدو كثيراً في طرقات الحياة دون الإحساس بالآخر والنظر له كـمكمل للحياة¡ لماذا أصبحنا لا نجيد تعليق الأزهار لبعضنا¡ ولا نجيد احتواء الإنسان بداخلنا¡ لماذا أصبحنا كالتاريخ الغامض¿ ولماذا فشلنا في استيعاب بعضنا البعض¡ ونرفض الاختلاف ونهمش المتشابه¡ يقلقني هجر الإنسان لأخيه الإنسان¡ وهجره لفطرته التي تنادي بالتعايش مع الآخر دون المساس بكينوته¡ فقدرنا أن نكون معاً على هذا الكوكب مصيرنا واحد¡ فلماذا لا نحاول أن نقبل كل ما حولنا ونعيد ترتيب أفكارنا وننفض عنا معتقدات لا تتناسب مع مرحلتنا السريعة العدو¡ لماذا لا نكون نحن ولكن بدون فيروس الإقصاء للآخر¿.
http://www.alriyadh.com/1664186]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]