النقد الذي وجهه أعضاء مجلس الشورى لوزارة الشؤون البلدية والقروية هو نقد في محله¡ فالصورة الذهنية التي تركتها هذه الوزارة عن نفسها عند المواطنين والمقيمين هي الشوارع التي يتم صب الأسفلت عليها اليوم ليتم حفرها في اليوم التالي¡ فهذه العملية التي تعودنا عليها منذ الطفولة تعني من ضمن ما تعني أن هذا الأمر ليس ناجم عن خطاء¡ فهذه الظاهرة المضحكة المبكية تتكرر باستمرار والخطأ لا يتكرر على هذا النحو. كذلك فإنه من المستبعد أن تكون ضعف الكفاءة هي السبب¡ فهذه الأمور البسيطة¡ التي يفهمها حتى الأطفال¡ لا تحتاج لإدراكها الحصول حتى على الشهادة الجامعية.
فنحن إذا دققنا في الأمر فسوف نرى أن وزارة الشؤون البلدية والقروية ليست هي الوزارة الوحيدة التي تعاني مما أشار إليه أعضاء مجلس الشورى¡ فتضخم الجهاز الوظيفي وكبر المقرات ليسا سمة لوزارة دون غيرها¡ فالجهاز الحكومي شأنه شأن أي جهاز بيروقراطي في العالم يميل إلى تضخيم نشاطه وزيادة عدد موظفيه حتى يحصل على الميزانية والأموال التي يطلبها¡ فالوزارات تهتم بالمقرات وطاولات الموظفين وعرضها ولكن لا تهتم بمواقف السيارات للمراجعين الذين من أجلهم تم انشاؤها.
قد تكون وزارة الشؤون البلدية والقروية ضخمت حجم المشروعات التي سوف تنفذها لحل مشكلة تصريف السيول في جدة عندما أعلنت انها سوف تستخدم لحل المشكلة حديدا يكفي لبناء ست نسخ من برج إيفل¡ وكمية خرسانة تتجاوز الكمية المستخدمة في بناء برج خليفة¡ فحادثة السيول المشار إليها قد كشفت عن المستور دونما سابق إنذار ووضعتها تحت الأضواء على حين غرةº فجاء ردها على هذا النحو غير الموفق.
من ناحية أخرى فإن بقية وزاراتنا لو تعرضت¡ لا سمح الله¡ لامتحان مماثل فإنها قد لا تنجح فيه مثلها مثل الوزارة التي انتقدها مجلس الشورى¡ وهذا ليس دفاعا عن وزارة الشؤون البلدية والقروية وإنما انتقاد لغيرها.
إن ضعف الرقابة هو الذي يجعل وزاراتنا مثلما نراها عليه¡ فالرقابة وإلى وقت قريب كانت موجودة غائبة¡ وهذا ربما يعود إلى أن بلدنا دولة حديثة¡ وبالتالي كان تركيزها في البداية على البناء والتعمير واكتساب المقومات التي نطمح كلنا فيها. وهذا قد تحقق¡ ولذلك حان الوقت ليس للتخطيط فقط وإنما للرقابة والمتابعة الدقيقة لكل ما هو مخطط¡ فالمملكة لديها برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030 وهذه كلها نشاطات متعددة ومشروعات ضخمة من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد. ولهذا فبدون رقابة صارمة سوف يكون من الصعب علينا بحلول العام 2030 أن نجد أنفسنا قليلي الاعتماد على النفط.
http://www.alriyadh.com/1664146]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]