سبق أن تحدثت عن هذا الموضوع كثيراً¡ وكتبت فيه كثيراً¡ و لا مانع من أن أعيد بعضاً مما طرحت¡ لإيماني المطلق بأن التحدث عنه ضرورة ملحقة- إنها مسألة العقلا لمعطل أو ثروة الرؤوس وهي ثروة عظيمة¡ بل هي أعظم الثروات على الإطلاق. هي مناجم ضخمة وحقول واسعة¡ وكنوز تفوق كنوز الذهب والفضة¡ وما في الكون كله من أموال وأحجار كريمة..!
لا تظنوا أنها رؤوس الأموال.. وليست بطبيعة الحال الرؤوس النووية التي لا يملكها إلا الطغاة والعتاة¡ والمفسدون في الأرض.. أبداً إنما أقصد بها الرؤوس ذات الجماجم والتي نحملها فوق أعناقنا.. هذه الرؤوس هي مزارع الفكر والخلق والإبداع.. هي مناجم الخير والنماء..
وهي ثروات متوفرة لدى الجميع وبالمزايا والخصائص نفسها في كل مكان وزمان¡ والناس فيها متساوون لا يختلفون في شيء إلا في مسألة الاستثمار. فهناك أدمغة نشطة متوقدة تتحرك بسرعة ويقظة¡ وهناك أدمغة كسلى بطيئة الحركة كثيرة النوم¡ والقيلولة¡ تفضل الاسترخاء والسكينة¡ والميل إلى الدعة¡ وهذه يتراكم عليها الغبار¡ ويعلقها الصدأ¡ وتعشعش بها عناكب الخمول.. وتظل الرؤوس التي تحمل هذه الأدمغة عارية في الفضاء تصفر فيها الريح وتضربها من كل مكان.. كما تضرب كرات الجوز الهندي¡ فلا تثمر ولا تعطي¡ وإنما تسجل كأرقام زائدة في مزارع الرؤوس البشرية.
بينما الرؤوس اليقظة هي التي تصنع الحياة¡ وتعمر الكون.. هي التي تصنع¡ وتبدع¡ هي التي تجلب المال¡ وتنقب الأرض¡ وتخرج كنوز الذهب والفضة¡ والأحجار الكريمة من مكامنها.
هي التي تصنع سفينة الفضاء والغواصلة الذرية¡ والقلب الصناعي¡ والهاتف النقال¡ والإنترنت..
هي التي أصرت على أن يكون لها وجود فاعل في الكون.. وعمارة الحياة.
ولست أدري متى نستطيع أن نستثمر رؤوسنا بشكل جيد.. بل بشكل طبيعي.. أي أن نستغل طاقتها كما خلقها الله.. فنسخرها للإبداع والإنجاز والصناعة¡ بدلا من أن نقتلها بالتفاهات والمسخرات¡ وصغائر الأمور.. لأننا بكل أسف عطلناها منذ زمن طويل إلى درجة أننا أعتقدنا بل ربما آمن البعض منا أن رؤوسنا الخاوية أقل وزناً وقدرة من رؤوس الآخرين..! وأن رؤوسنا خلقت فقط للاطلاع والاندهاش والاستغراب.. ولهذا فإن أعيننا شديدة البروز من كثرة التحديق والتعجب..!!
فيا أصحاب الرؤوس.. أحلف لكم أن رؤوسكم سليمة وثمينة أيضاً.. أطلقوا عقالها.. وأيقظوها من سباتها.. فمشكلتها أنها نائمة مقيدة.. فإذا أنتم أيقظتموها فإني أكفل لكم أن جميع مشكلاتكم السياسية¡ والاقتصادية¡ والصناعية¡ والزراعية¡ ومشكلاتكم الصحية والنفسية والعاطفية أيضاً سوف تحل.
http://www.alriyadh.com/1667384]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]