تخيل أنك تجلس على كرسي يخصك.. ويقترب منك أحدهم ويحاول أن يجلس بجانبك رغم أن الكرسي لا يتسع إلا لشخص واحد.. ومع ذلك ولحاجته كما تعتقد إلى الجلوس تحاول أن تفسح له¡ وبالتدريج تكتشف أن من حاولت أن تفسح له مكاناً بجانبك يحاول جاهداً دفعك إلى الأرض أو إلى خارج الكرسي بالتدريج.. ولكونك مؤدباً تحاول أن تتمسك بمكانك وألا تغادره.. في المرة الثانية ومع اشتداد الدفع لك دون أدب تحاول ألا تسقط وتوجهه إلى البقاء في مكانه لأنك على وشك السقوط.. ومع ذلك لا يهتم ولا يعنيه قرب سقوطك أي شيء.. بالتدريج تكتشف أنك أوشكت على السقوط وتحاول أن تتمسك ببقايا قوتك ولكن في النهاية تسقط ويأخذ هو مكانك بهدوء¡ ودون تردد.
هذه اللعبة كان ولا يزال يقوم بها الأطفال كعناد وتحدٍّ وإبراز للقوة بينهم.. واستفزاز للآخر وبالذات الضعيف منهم¡ لكن ما هي ردة فعل من سقط على الأرض¿ من المؤكد أنه سيقوم بسرعة ويسحبه من مكانه وقد يسقطه أرضاً بعد فاصل من العراك والتجاذب¡ رغم أن ذلك الطرف الذي سقط على الأرض قد يكون من أكثر الناس هدوءاً وأدباً.. لكنه اليوم أظهر وجهاً آخر لا نعرفه.. لماذا¿ لأنك أنت من دفعه لذلك وأنت من استفزه وبعدها استنجدت بالآخرين لتحاسبه على فعله وهو في الأصل ردة فعل وليس الفعل ذاته!
مشهد آخر كثيراً ما نشاهده بين الصغار وأحياناً بين الكبار.. عندما يستفزك أحدهم متعمداً بالقول أو بالسلوك عدة مرات وأنت تحاول تجاهله وأحياناً صده وأحياناً الهروب من أجل ألا تصطدم به¡ ولكنه يمسك بك ليدفعك لمنطقته المشتعلة¡ ويرى ردة فعلك¡ ورغم ذلك تمسك ببقايا هدوء وتماسك من أجل ألا تنفجر ومع ذلك تلامس لحظة الانفجار.. وتستشيط غضباً لترد عليه بقوة ودون تردد وبأعصاب منفلتة.. وبطريقة أنت لا تجيدها وليست طريقتك أبداً.. قد تكون ردة فعلك إن لم تحاول ضبطها أقوى كثيراً من الفعل ولكنها متوقعة وطبيعية!
سيدة أعرفها سمعت أنها تطلقت بعد سنوات من الزواج وعندما التقيتها في مكان كانت تحكي عن طلاقها بتحسر وأسى وكيف دفعت زوجها عدة مرات لحافة الطلاق.. وأنها هي من كان يقود حملة الاستفزاز عند كل مشكلة صغيرة وعادية.. وفي كل خلاف تطالبه بالطلاق.. وكان هو يتحمل ويغادر المنزل.. ولكن في المرة الأخيرة دفعته بقوة وقلت له لو كنت رجلاً طلقني¡ ولو عندك ذرة كرامة طلقني.. وصمتت.. قلت لها وماذا توقعتِ¿ ألم تطلبي الطلاق¿ قالت: نعم.. ولكن لم أتوقع أن ينفذه.. قلت لها: بعد كل ذلك الدفع الرهيب منك ولم تتوقعي التنفيذ.. قالت: ردة فعله مخيفة¡ وعلى غير عادته.. قلت لها: هناك مقولة «كل شخص له حدود للصبر لا تدفع الناس لأقصى حدودهم فقد لا تعجبك ردة فعلهم» وعادة ردة الفعل تكون موازية أو أقوى من الفعل¡ وكما يقال لا تحاسبني على ردة فعلي قبل أن تعرف فعلك!!.
http://www.alriyadh.com/1673285]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]