« لم أتلق الرسالة بارتياح أول الأمر¡ ثم لما أعدت قراءتها فكرت في أن أكتب سيرة حياة أطول¡ وكانت هذه السيرة التي بين يدي القراء»
( علي الشوك )
***
جاء كتاب الباحث المغرم بالرواية علي الشوك الذي أصدره بعد ما تخطى الثمانين من عمره بعنوان (الكتابة والحياة) فيما يعد من صنف السيرة الذاتية¡ حيث احتوى على كثير من الأحداث التي مرت بحياة الكاتب منذ نشأته في العراق ودراسته التي واصلها في بلدان عربية وأجنبية حتى وصل لأميركا الشمالية دارساً أولاً ثم مدرساً ومحاضراً¡ وسائحاً وعمل في أوروبا الشرقية/ الغربية.
يجيء كتاب على الشوك هذا مصادفة¡ لكونه لم يكن في حسبانه أنه سيكتب عن حياته وتنقلاته الجسدية والفكرية والإبداعية¡ ولكن كانت له مشاركة في عمل ثقافي وطلب منه المعد تعريفا مختصرا عن حياته وبعض أعماله المكتوبة والمعدة للنشر¡ فكتب بشكل مختصر¡ وصادف أن بعث نسخة من التعريف إلى صديقه فخري كريم صاحب دار المدى للإعلام والثقافة والفنون الذي فاجأ الشوك بخطاب تحدث فيه عن رغبته في أن يعمل على أن يكون التعريف أطول وأن يشمل الكثير من حياته لكونه له مكانته في الثقافة العربية/ الأجنبية التي كتب بها وتَرْجَمَ منها وإليها¡ كما تُرْجِمَتْ بعض أعماله الروائية إلى لغات أخرى.
جاء في رسالة فخري إلى علي «واضح أنك كتبت تحت هاجس العجالة¡ وليس تحت ضغط العجالة.. وبودي ألا تسمح لمثل هذه أن تستلك من حالة الإلهام» بعد أن يذكره بأنه قد تسرع في الكتابة التي كان من الواجب أن يتأنى فيها ويمر بالكثير مما واجهه في حياته الزاخرة بالنتاجات الفكرية والإبداعية¡ التي توزعت في معارف عديدة لأنه جاس التعدد في الكثير ( الأركيلوجيا – الأساطير – الموسيقا- الرواية – وغيرها ويستمر في طلبه» قد تكتب بضعة سطور أخيرة فتكون هي الكتابة المكتملة¡ ولا أدري إن كنت مصيبا¡ فهذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها¡ في وقفة إنسانية وذكرى رفاق لم يبخلوا بحياتهم لكي نظل نعيش ونفعل¡ وربما لأنهم اعتقدوا أنهم سيخلدون باستمراريتنا’ هل هي ما يشبه عودة الروح¿»
في نوع من الأسى وإحساس بسطوة العمر الذي امتد عقودا يتأوه (علي الشوك) لاختفاء لذة القراءة التي لازمته مع إحساسه بالانطفاء الذي سيطال القراءة¡ وكتب ولكن السيرة لا تسير في طريق مستقيم فهناك بعض المنعطفات الصعبة¡ والمرتفعات والمنحدرات¡ قد يكون الحديث عن الحاضر فما تحس نفسك إلاّ وأنت تقبع في حجرات الماضي والعكس يحدث¡ وما أكثر ماردد الكاتب (وهذا أجمل ما رأيت¡ وهذا أفضل شيء في حياتي¡ وكنت أظن ذلك¡ هو فلان وربما غيره¡ لم أعد أذكر) ولكن هذه لم تؤثر في العمل الذي حمل سيرة مفكر صوَّر فيها الكثير من المواقف والأحداث التي تتناقض مع معتقده وانتمائه الذي لازال متمسكاً به منذ شبابه¡ فهو شيوعي¡ ولكن نقده للشيوعية المنحسرة لا يخفى بالرغم من اعتقاده بأنه لم يزل منتميا حتى بعد سقوط الأديولوجية التي ينتمي إليها فهو الأخير وبعمر فاق عمر الشيوعية المنهارة. وانت تقرأ (للشوك) ستتعب وتلهث في متابعته واستطراداته فتارة سياسة ثم عن الموسيقا الغربية/ الشرقية¡ فالأساطير والتاريخ والأديان¡ هو موسوعي المعرفة¡ عاش الحب في كل مكان أقام فيه¡ وكتب رواياته تبعاً لما كان يحب في معالجات رمزية لما يفتقده ويراه¡ وعاش الرفاهية¡ وعانى من الضائقة ولكن لم يتوانَ عن البحث المعرفي ومواصلة المسيرة التي يقضيها في الغرب الرأسمالي بالرغم من انتمائه المعتقدي.




http://www.alriyadh.com/1673475]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]