تقول الكاتبة الأميركية (سو غرافتون): «الكتابة عمل مرهق مشوب بالتوتر. نظريتي هي: إذا كنتُ غير مسيطرة على جانبي المظلم - خيباتي¡ مخاوفي¡ تخبطاتي التي يبدو أنه مقدر لي خوضها كل يوم - فستدمر عواطفي السلبية قدرتي على الكتابة».
قد تنفرط مسبحة الكاتب في أي وقت ولأي وقت¡ كأن يلوي الإحباط حماسته فلا يجد جدوى من كتاباته المسكينة¡ أو يُشعِل النقد في أوراقه فيصبح مرعوباً¡ أو يقرأ الناشرون كلماته شزراً¡ ويحدث أيضاً أن يعميه سطوع النجاح فلا يعد يقدر على أن يبصر ظلمة يكتب داخلها.
فالكاتب (جيروم ديفيد سالينجر) بعد أن ألف روايته الوحيدة (الحارس في حقل الشوفان) وهو في الثلاثين من عمره¡ والتي قد بلغت أعداد مبيعاتها ما يزيد على (60) مليون نسخة¡ أي ما يقارب تعداد سكان دولة مثل فرنسا! أعلن توقفه عن النشر¡ وظل هكذا طوال (45) عاماً إلى أن توفي.
وأيضاً الشاعر الفرنسي (رامبو) توقف عن الكتابة بعد نشره لكتابه الثاني وهو في التاسعة عشرة من عمره.
وكذلك (إيميلي برونتي) توقفت ولم ينشر لها سوى رواية وحيدة (مرتفعات ويذرنج) التي صنفت ضمن كلاسيكيات الأدب الإنجليزي.
الكتابة هي فعل شبيه جداً باستجلاب سحر¡ تحاول وتحاول دون أن تضمن حدوثه¡ فالكاتب معتاد على اللاعتياد¡ ففي كل مرة يكتب فيها كما لو أنها المرة الأولىº نفس القلق¡ الرعب¡ والارتباك.
الأديبة (إيزابيل الليندي) اختارت تاريخاً محدداً تبدأ به الكتابة في كل عام وهو الثامن من يناير فتقول: «هل يمكنكم تخيل السابع من يناير¿ إنه جحيم!». تنجز العمل وتحصد نجاحه وتعود خائفة في كل مرة من أن تمتنع الكتابة من أن تحني لها هامتها¡ وتشبه حالتها تلك كما لو أنه قد ابتلعت رملاً!
الكاتب وحيد وممتلئ بالشك¡ يعمل ساعات وشهوراً دون أن يقول له أحد إنك تبلي حسناً استمر..
ودون أن يقدر على تهدئة خوفه من أن لن يقرأ له أحد. وفي وقت الاختصارات والصورة واللغة الممضوغة لم يعد الكاتب يشعر بحضوره ووجوده في الساحة كما في السابق¡ فيحدث أن ينكفئ ويكتفي بإيجاد وسيلة أخرى دارجة وشعبية لما يريد قوله¡ وهذا ما لا ينبغي حدوثه على الإطلاق.
يقول الكاتب الفرنسي (أندريه مالرو): اكتب حتى اللحظة الأخيرة¡ اكتب ولو بقلم منهك..
http://www.alriyadh.com/1696101]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]