المملكة التي تأسست بسيادة كاملة¡ ترفض أن تُمس هذه السيادة مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات¡ فالسيادة ليست مجالاً للمساومة عليها¡ أو مكاناً للتنازل عنها¡ أو أمراً يمكن التفاوض حوله..
دولة مُنذ تأسيسها اعتزت بسيادتها السياسية والقانونية الكاملة¡ وعلى أساسها أقامت علاقاتها الدولية مع جميع دول العالم. دولة منذ يومها الأول اعتزت بمبادئها وقيمها الإسلامية وبعاداتها وتقاليدها العربية الأصيلة¡ وعلى هذا الأساس تعاملت مع المجتمع الدولي بمختلف مكوناته وتعدد مستوياته. دولة منذ أعلنت وحدتها تميزت بثبات مواقفها السياسية على مختلف المستويات¡ وعلى هذا النهج سارت خلال تاريخها الطويل. دولة يُعرف عن قادتها حكمة قراراتهم في مختلف الظروف والمواقف السياسية¡ وعلى هذا الأساس أصبحوا محل احترام المجتمع الدولي¡ وأهلاً للتقدير من قادة ورموز العالم. هذه هي المملكة بتاريخها العريق وبسياستها الحكيمة وبمواقفها الثابتة والمُعلنة¡ وبعلاقاتها الدولية المتوازنة والقائمة على أساس الاحترام المتبادل.
المملكة التي قامت علاقاتها الدولية على أساس الاحترام المتبادل¡ الذي عرَّفت معانيه ووضحت مقاصِده ووثَّقت مبادئه وثبَّتت عناصره المواثيق والقرارات والمعاهدات الدولية¡ التزمت بأسسه وطبقت كافة بنوده في جميع تعاملاتها الدولية مع مختلف دول العالم بِصرف النظر عن مكانة تلك الدولة في المجتمع الدولي. فالمملكة التي التزمت بأسس الاحترام المتبادل في علاقاتها الدولية لم تتدخل في السياسات والشؤون الداخلية للدول الأخرى مهما كان قرب أو بعد تلك الدول منها¡ ومهما كان حجم تلك الدول. فالمملكة تؤمن إيماناً تاماً بأهمية احترام سيادة الدول وبحقها الكامل في إدارة شؤونها الداخلية بالطريقة التي تناسبها وبالكيفية التي يراها قادتها¡ هذه سياسة المملكة الثابتة التي تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتؤمن بحق تلك الدول بسلوك النهج الذي تراه.
والمملكة التي أعلنت التزامها الثابت في علاقاتها الدولية بأسس الاحترام المتبادل¡ القائم على القواعد والمواثيق والمعاهدات الدولية¡ تُنادي بأهمية احترام هذه المبادئ الدولية وتُطالب جميع دول العالم الالتزام بها. فالمملكة التي تُعرف بِحكمة سياستها وبحُلم قادتها¡ أيضاً هي المملكة نفسها التي تُعرف بأهمية مكانتها الدولية¡ وبحزم قادتها الذين يعتزون بدولتهم وبكامل سيادتها ويتفاخرون بمكانتها وبوحدة شعبها بين الأمم. مكانتها الدولية جعلتها أحد المؤثرين في السياسة الدولية¡ وحزم قادتها جعلهم عزاً للدول العربية ورايةً مُضيئة للأمة الإسلامية¡ وسيادتها السياسية والقانونية الكاملة ترفض رفضاً قاطعاً أن يتدخل أحد في شؤونها الداخلية أو المساس بمبادئها الثابتة وقيمها الأصيلة¡ وشعب يتفاخر بدولته وبمكانتها في المجتمع الدولي. فالمملكة التي تأسست بسيادة كاملة¡ ترفض أن تُمس هذه السيادة مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات. فالسيادة ليست مجالاً للمساومة عليها¡ أو مكاناً للتنازل عنها¡ أو أمراً يمكن التفاوض حوله.
على هذه المبادئ والقيم والأسس الدولية قامت العلاقات السياسية بين المملكة وجمهورية ألمانيا الاتحادية¡ وعلى هذه الأسس سوف تتعزز هذه العلاقات. أُسس الاحترام المتبادل بين الدولتين كانت وما زالت وستظل المنطلق الرئيس لتطور وتقدم العلاقات بينهما. هاتان الدولتان الكبيرتان تملكان من الإمكانات والقدرات¡ السياسية والاقتصادية والمالية والعسكرية والأمنية¡ ما يجعل علاقاتهما أكثر تجذراً وتقدماً لتكون علاقات استراتيجية في المستقبل. تطلعات كانت مشروعة لتعزيز العلاقات على أساس الاحترام المتبادل¡ وأصبحت أكثر مشروعية عندما بادرت حكومة ألمانيا بالاعتذار والتأسف على تصرفاتها غير الدبلوماسية تجاه المملكة في نوفمبر 2017م. مبادرة ألمانيا¡ التي أعلن عنها وصرح بها وزير خارجيتها¡ تؤسس لمرحلة متقدمة ومتميزة من العلاقات مع المملكة. فبحسب وكالة رويترز في 26 سبتمبر 2018م¡ «قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في الأمم المتحدة: «في الأشهر الماضية¡ شهدت علاقاتنا سوء تفاهم تناقض تناقضاً حاداً مع علاقاتنا القوية والاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية ونحن نأسف بصدق لهذا». وأضاف «كان ينبغي لنا أن نكون أكثر وضوحاً في اتصالاتنا وحوارنا من أجل تفادي سوء التفاهم بين ألمانيا والمملكة».
بمثل هذه المواقف العقلانية للحكومة الألمانية تتقدم العلاقات مع المملكة. ففي هذه الكلمات المباشرة اعتراف صريح بأهمية المملكة في السياسة الدولية واحترام كبير لسياستها ولمكانتها في المجتمع الدولي¡ وكذلك إعلان مباشر بأن ألمانيا تسعى لتعزيز وتطوير علاقاتها مع المملكة التي تعدّ بيئة مناسبة للاستثمارات لما تتمتع به من استقرار سياسي¡ واقتصاد قوي¡ ومصدر رئيسي من مصادر الطاقة¡ وبما تملكه من ثروات طبيعية متنوعة. إنها العقلانية في السياسة الألمانية التي تهدف لإقامة علاقات دولية هادفة وبناءة تخدم شعبها وتعود على سياستها واقتصادها بالمنافع. فبمثل هذه العقلانية في السياسة الألمانية تتطور وتتقدم علاقاتها مع المملكة.
وفي الختام من الأهمية التأكيد أن سياسة المملكة الخارجية منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- تميزت بالحزم في تعاملاتها الدولية حتى أصبحت كبرى دول العالم تخشى التدخل في شؤونها الداخلية¡ أو المساس بسيادتها السياسية والقانونية¡ أو التشكيك بثوابتها ومبادئها. إنها سياسة الحزم التي أثبتت الأحداث نجاحها حتى أصبحت المملكة نموذجاً للدول التي تعتز بذاتها¡ وللقادة الذين يثقون بأنفسهم ويعتزون بكرامتهم¡ وللشعوب التي تؤمن بقدراتها وتتفاخر بدولتها¡ إنها سياسة الحزم التي ميزت علاقات المملكة الدولية حتى أصبحت سداً صلباً تتكسر عليه مؤامرات الأعداء¡ وحِصناً منيعاً في وجه كل معتدٍ¡ ووطناً عزيزاً آمناً مستقراً ساعياً للبناء والنماء.




http://www.alriyadh.com/1708432]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]