كثيراً ما تتناقل سواليف وأحاديث المجالس¡ بما في ذلك التقارير الاقتصادية التى تصدر عن بعض الجهات المالية¡ التأثير السلبي لرحيل الوافدين من المملكة سواء على الاقتصاد أم على التنمية¡ وذلك بسبب الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهيكلية التي اتخذتها الحكومة السعودية¡ والتي من بينها فرض مقابل مالي على كل عامل وافد في القطاع الخاص يزيد على عدد العاملين السعوديين فيها¡ وفرض مقابل مالي على كل مرافق للعمالة الوافدة في القطاع الخاص.
دون أدنى شك أن فرض مثل هذا المقابل المالي والرسوم على القطاع الخاص قد تسبب في تحميل القطاع الخاص والوافدين بتكاليف إضافية¡ وبالذات بالنسبة للوافدين¡ لتزامن فرض المقابل على مرافقيهم بفارق أشهر بسيطة عن إقرار تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنوعيها علـى السـلع الضـارة علـى الصحـة العامـة والبيئـة وعلى السلع الأخرى.
ولكن من باب الإنصاف والعدالة¡ إن فرض مثل هذه الرسوم والضرائب له مبرراته الاقتصادية والمالية المنطقية¡ حيث يأتي فرض الدولة للمقابل المالي على الوافدين¡ بغية تحفيز القطاع الخاص على توظيف المواطنين من خلال رفع تكلفة العامل الوافد بحيث تقترب من تكلفة العامل السعودي ويصبح توظيف المواطن السعودي بالنسبة للقطاع الخاص هو الخيار الأول¡ مما سيساهم في توظيف السعوديين والتخفيف من حدة البطالة المرتفعة في السعودية التي بلغت 12,9 في المئة بالربع الأول من العام الجاري.
برأيي أن التوقع برحيل أعداد كبيرة جداً من الوافدين من السعودية بسبب فرض الدولة للمقابل المالي على المرافقين فيه شيء من المبالغة¡ باعتبار أن النسب التي فرضتها الحكومة السعودية على الوافدين تُعد من بين الأقل عالمياً¡ حيث على سبيل المثال¡ تصل ضريبة القيمة المضافة في النرويج إلى 25 في المئة¡ كما أن المملكة لا تفرض أي ضريبة على الوافدين سواء على دخولهم أو على تحويلاتهم التي بلغت قرابة 142 مليار ريال العام الماضي. وقد أوضحت المديرية العامة للجوازات¡ أن عدد تأشيرات الخروج النهائي قد بلغت في العام الماضي 541 ألف تأشيرة¡ والخروج والعودة بنوعيها المفرد والمتعدد أكثر من 3 ملايين تأشيرة¡ في حين قد تم تجديد أكثر من أربعة ملايين هوية مقيم¡ وإصدار 403 آلاف هوية مقيم جديد¡ ما يؤكد على أن ليس هناك تأثير سلبي مقلق سواء على الاقتصاد أو التنمية بسبب فرض المقابل المالي على المرافقين أو أن معظمهم أو جميعهم قد يرحل من المملكة.
وحديث سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الضافي في وقت سابق لمجلة «تايم» الأميركية عن مستقبل الأجانب في السعودية وتوجه المملكة مستقبلاً لمنح الـ «غرين كارد»¡ لتأكيد آخر على استمرار حاجة المملكة للوافدين حاضراً ومستقبلاً لتنفيذ ما تحاول المملكة بناءه وفقاً لرؤيتها الطموحة 2030¡ شريطة أن يُحدث الوافد تحولاً اقتصادياً وتنموياً نوعياً في سوق العمل¡ ويأتي بقيمة مضافة وأن لا يكون عبئاً على الاقتصاد والتنمية.
http://www.alriyadh.com/1708603]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]