كثر التساؤل حول: أثر التحول من الأساس النقدي إلى أساس الاستحقاق في المحاسبة الحكومية في المملكة العربية السعودية¡ على كل من:
منهجية التعليم المحاسبي الحكومي التي تدرس حالياً.
حجم الإيرادات الحكومية الحقيقي.
هذا المقال مساهمة مبسطة في توضيح بعض الجوانب المهمة المتعلقة بهذا التساؤل.
أولاً: منهجية التعليم المحاسبي الحكومي:
التعليم المحاسبي للمحاسبة الحكومية الحالي¡ مبني على الألمام أو الفهم لما يعرف (بنظام المحاسبة عن الأموال). هذا النظام¡ يختلف تماماً عن نظام المحاسبة المالية المستخدم حالياً في جميع المؤسسات العامة والخاصة الهادفة للربح وفي بعض الأحيان حتى تلك التي لا تهدف إلى الربح. هذا النظام (أي نظام المحاسبة عن الأموال) يختلف عن نظام المحاسبة المالية في هدفه وأسلوبه¡ ومن دون الخوض في تفاصيل التنظيمات الاقتصادية التي تستخدم أو لا تستخدم هذا النظام (هو مستخدم في المحاسبة الحكومية في المملكة ويدرس حالياً في منهاجها التعليمية).
ومن أهم خصائص هذا النظام (نظام المحاسبة عن الأموال)¡ بأنه يسمح باستخدام أو تطبيق أساس الاستحقاق¡ كما يسمح باستخدام الأساس النقدي¡ في تسجيل أو الاعتراف بالإيرادات¡ وهكذا¡ فإن النظام المحاسبي الحكومي الحالي¡ (من حيث إمكانية تطبيق أساس الاستحقاق)¡ يسمح بذلك¡ دون الحاجة إلى التعديل أو التغيير الجوهري في المنهجية التعليمية للمحاسبة الحكومية التي تدرس حالياً¡ وذلك لأن تحديات تطبيق أساس الاستحقاق¡ فيما يتعلق بالإيرادات وغيرها¡ وما يترتب عليها من معالجات¡ متعلقة بالمدينين والمخصاصات والديون المعدومة... إلخ¡ ليست بجديدة على طالب المحاسبة الحكومية¡ وذلك من خلال دراسته وفهمه للمحاسبة المالية¡ وهكذا فإنه يمكن القول: إن التحول إلى أساس الاستحقاق¡ في المحاسبة الحكومية في المملكة¡ لا يستدعي التعديل الجوهري للمناهج التعليمية المحاسبية التي تدرس حالياً.
ثانياً: حجم الإيرادات الحكومية الحقيقي:
استخدام أساس الاستحقاق¡ وأثره على حجم الإيرادات الحكومية الحقيقة¡ يمكن النظر إليه من ناحيتين:
أثره على الإيرادات المقدرة للدولة (إيرادات الموازنة أو الميزانية).
أثره على الإيرادات الحكومية الفعلية التي تتحقق خلال العام¡ أو تلك التي تتحقق خلال الربع الأول¡ أو ما يليه من فترات السنة.
الناحية الأولى (أي تقديرات الموازنة)¡ فهي في الأساس¡ تقديرات رقمية¡ عن حجم الإيرادات المتوقع تحصيلها خلال العام¡ ويتم تحديد مبالغها¡ من قبل خبراء ومختصين من موظفي الدولة¡ من لديهم الدراية والخبرة في الأوضاع الاقتصادية المعاصرة. وهكذا¡ فإن تحديد حجم هذه الإيرادات في الميزانية¡ مبني في الأساس¡ على عوامل اقتصادية¡ وليست محاسبية¡ وبالتالي¡ فإن لا (لأساس الاستحقاق)¡ ولا (للأساس النقدي)¡ الدور المهم في تقدير حجم الإيرادات الحكومية.
أما الناحية الثانية (أي أثر تطبيق أساسي الاستحقاق على حجم الإيرادات الفعلية)¡ فإن الوضع يختلف تماماً. فالإيرادات التي يتم تسجيلها أو احتسابها وفقاً لأساس الاستحقاق¡ هي أكبر حجماً من تلك التي تتم وفقاً للأساس النقدي. وهي (أي الإيرادات وفقاً لأساس الاستحقاق)¡ تعكس القيمة الحقيقة للإيرادات¡ لأنها تشمل النقدي منها وغير النقدي.
لماذا إذاً عزفت الدولة عن استخدام أساس الاستحقاق¡ في الماضي¿ الإجابة: قد تكمن في توجهات الدولة في ذلك الوقت¡ وذلك باتباع أسلوب التحفظ والابتعاد عن المشكلات المالية¡ التي قد تنتج عن تطبيق أساس الاستحقاق¡ وخاصةً تلك المشكلات المتعلقة بتحصيل هذه الإيرادات¡ أضف لذلك أن الدولة¡ في تلك الفترة¡ لديها ما يكفيها من الإيرادات النقدية التي تغنيها عن الدخول في أي مشكلات مالية.
أما الآن ومع التطورات التكنلوجية والمعلوماتية الحديثة¡ ومع استخدام الوسائل الذكية¡ التي مكنت الدولة من تحصيل مستحقاتها وخاصةً تلك المحلية منها¡ من الآخرين بكل سهولة ويسر¡ وعلى سبيل المثال (منع السفر أو إيقاف الخدمات)¡ فإن مشكلات التحصيل لم تعد قائمة حالياً¡ هذا التطور التكنلوجي إضافة إلى ضرورة وأهمية تحديد حجم الإيرادات الحقيقة في الاقتصاديات المعاصرة¡ قد يساهم في دعم وجهة نظر من ينادي بضرورة تطبيق أساس الاستحقاق في الاعتراف بالإيرادات الحكومية¡ إلا أن القرار النهائي في هذا الصدد¡ سوف يعكس توجهات الدولة¡ وذالك إما في الاستمرار في السياسات المحاسبية المتحفظة¡ أو القبول بالحقائق الاقتصادية وانعكاساتها أي كانت إيجابية أو سلبية.
أستاذ المحاسبة الحكومية -جامعة الملك سعود
http://www.alriyadh.com/1708867]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]