ثمة عبارات تتخذ من نفسها مسطرة أو مشجباً معيارياً¡ في عالم الإنتاج الثقافي¡ ضمن مسار التباكي أو المناحة¡ على زمن بات من الماضي¡ لا يذكر منه إلا ما يراد لا جميع ما حدث¡ مقابل حاضر يعجز عن رؤيته بعين يومه.
هل نحن شعب ننتمي إلى زمن "التاريخ"¿.
إذا افترضنا أن حقل التاريخ¡ من الناحية العلمية¡ يتطلب شروطاً¡ في دراسة الحادثة¡ لا أولها الحياد صوبها في المشاعر¡ ولا آخرها التزام الوصف لا التعاطف أو التشفي. فإن الخرافة ليست ملزمة¡ في تصورها أو مبناها¡ فهي مجال الانفعال العاطفي إلى أقصاه¡ وتنتصر بالخيال أو الوهم وتلغي الزمن وتعتبره أبدياًº وهذا ما يكون عندما يتحدث فاعلي المجتمع¡ في حقول الثقافة¡ سواء الفنون أو الآداب¡ فيشوب علاقتهم مع حاضرهم سوء النظر¡ وإثم الظن.
على أنهم أبناء زمنهم إلا أنهم يجعلون من الماضي خالصاً وصافياً¡ نموذج المعضلة¡ بوصفه لا يمكن أن يكون أحسن منه¡ كما لم يخالطه سوء. إن هذه الرؤية¡ لها أسبابها¡ كما لها نتائجها¡ فمن أسبابها حالة الاضطراب¡ على مستويات اجتماعية واقتصادية¡ تدفع إلى الشعور بالعجز¡ كما تسقط هنا مسألة خطيرة¡ وهي قصور النظر¡ في المعرفة والاطلاع.
كأن لا يعرف¡ جراء الحرب اللبنانية¡ في عقد الثمانينيات¡ بحسب مراقب من مثقفيها¡ سوى أغنية "يللي تعبنا سنين في هواه" (1979) لجورج وسوف -سجلتها حناجر عدة- و"يا حبيبي يا عيني" (1983) لمايا يزبك¡ وذلك لانتشارها في علب الليل آنذاك¡ وبهما مسحت الذاكرة اللبنانية حتى في مهاجرها كذلك كأن لا يذكر من الغناء السعودي¡ بعد حرب الخليج الثانية 1990- 1991 سوى "بقايا جروح" (1989) لخالد عبدالرحمن¡ و"كرت أحمر" (1994) لمحمد عمر¡ وتمسح الذاكرة السعودية¡ أو أي ذاكرة ثقافية¡ لأسباب عارضة سرعان ما تعود الأمور إلى سيرها المعتاد.
وبتلك المرحلة سجل المطرب الكبير طلال مداح "عملة مغشوشة" (1995)¡ وتحولت تجربة مداح الغنائية إلى ما بعد عملة مغشوشة بلا ذاكرة¡ فهو يعلق عما حدث "فكأن أعمالي الفنية السابقة ذهبت أدراج الرياح وابتلعها البحر!".
فقد تناسى هذا الجمهور¡ بغض النظر عن الحكم المعياري¡ مرحلة التسعينيات بوصفها إحدى مراحل مداح المميزة¡ فقط وضع لحناً جميلاً عكس تيار المرحلة "أنا راجع أشوفك" (1993).
إنها أكذوبة "الزمن الجميل"!.




http://www.alriyadh.com/1712835]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]